للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هدية ليكافئه المهدى إليه بأضعافه، لا لأنه يهدي ابتغاء وجه الله، فهذا حلال علينا، وحرام على النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وأما الحرام فهو أن يعطي الرجل دينارا على أن يأخذ أزيد منه (١).

[وثمرة الخلاف:]

أن قراءة الجمهور جاءت بالنّص على ذمّ إيتاء الرّبا، وبيان أنه كاسد عند الله، فكان أخذ الرّبا بمنزلة المسكوت عنه، فجاءت قراءة ابن كثير بذم إتيان الرّبا كله، أخذا وعطاء، وكما ترى فإن المعاني تتكامل بالقراءات، وتبقى قراءة الجمهور كالنّص على تغليظ الزجر على المرابي، وقراءة ابن كثير على تغليظ الزجر على عموم الرّبا كله.

ولم تستقل هذه الآية بهذا البيان؛ إذ جاءت نصوص القرآن والسّنة متضافرة على توكيد هذا المعنى.

وفي الحديث: «لعن الله الرّبا وآكله وموكله وكاتبه وشاهده» (٢).

وفي الحديث أيضا: «ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الرّبا، فإن لم يأكله أصابه من غباره» (٣).

[المسألة الثالثة:]

قوله تعالى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ [الرّوم: ٣٠/ ٣٩].

قرأ نافع، وأبو جعفر، ويعقوب: (لتربو في أموال الناس). وقرأ الباقون: لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ (٤).

فيكون الفاعل في قراءة أهل المدينة، وحضرموت هو آكل الرّبا والمتّجر فيه، فيما يكون الفاعل في قراءة الجمهور هو الرّبا نفسه.


(١) حجة القراءات ٥٥٨.
(٢) رواه الطبراني عن ابن مسعود.
(٣) رواه أبو داود، وابن ماجة، والطبراني في الكبير، والبيهقي عن أبي هريرة.
(٤) تقريب النشر لابن الجزري ١٥٩:
... ... ... ... ... ... تربو ظما

<<  <   >  >>