للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن نقل القرطبي عن النحاس أن القراءتين وجهان لمعنى واحد، وعبارته: (ليس يلزم هذا- أي تفاوت المعاني أو إنكار إحدى القراءتين- ولكن تكون (تلوا) بمعنى (تلووا) وذلك أن أصله (تلووا) فاستثقلت الضمة على الواو، بعدها واو أخرى، فألقيت الحركة على اللام وحذفت إحدى الواوين لالتقاء الساكنين، وهي كالقراءة بإسكان اللام وواوين) (١).

ومذهب النحاس هذا نقله القرطبي أيضا عن ابن العربي وعن مكي، وهو شبيه بما قدمناه نقلا عن أبي زرعة (٢).

[المسألة التاسعة:]

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ [المائدة: ٥/ ٥٧].

قرأ أبو عمرو، ويعقوب، والكسائي: (والكفار أولياء) بخفض الراء. وقرأ الباقون:

وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ بفتح الراء (٣).

فتكون قراءة الأولين بالخفض على تقدير (من) عاطفية، أي من الذين أوتوا الكتاب ومن الكفار.

وتكون قراءة الباقين بالفتح على أن (الكفار) معمول (لا تتخذوا) فتنصب به في محل المفعولية (٤).

ومؤدى قراءة أبي عمرو، والكسائي، أي كلّا من أهل الكتاب والكفار قد اتّخذوا الدين هزوا ولعبا، فيما تدلّ قراءة الباقين أن المتّصف بذلك هم أهل الكتاب وحدهم مع اشتراك القراءتين في التحذير من اتّخاذ أي من الفريقين أولياء من دون المؤمنين.


(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ط دار الكاتب العربي ٥/ ٤١٤.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) تقريب النّشر في القراءات العشر لابن الجزري ١٨، وعبارة طيبة النّشر:
... ... ... ... وخفض والكفار ميم حما عبد
(٤) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ٢٣٠.

<<  <   >  >>