للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التّوبة: ٩/ ١٢٨ - ١٢٩]، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفّاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر.

وهكذا فإن منهج زيد بن ثابت في كتابة القرآن هو اعتماد الوثيقتين المحفوظة والمكتوبة، وقد عثر على سائر آيات القرآن مكتوبة كما كان يحفظها هو وزملاؤه من الصحابة، وهي الوثائق التي كتبت بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والخبر يؤكد أنه عثر على أكثر من وثيقة مكتوبة لجميع آيات القرآن إلا وثيقة واحدة مكتوبة، كانت لدى أبي خزيمة الأنصاري، الذي جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شهادته شهادة رجلين، فطابق بين حفظه وبين الوثيقة التي وجدها، يؤيّدها تأكيد عشرات الصحابة الحفّاظ، ومنهم زيد بن ثابت، فنسخها في المصحف، وخلال فترة قصيرة جمع القرآن كله بوثائقه الأولى لدى أبي بكر الصّدّيق، فنسخت بين اللوحين، وخرجت إلى الوجود أول نسخة كاملة من القرآن الكريم، بالغة التوثيق والتدقيق، وهي في الوقت نفسه أول كتاب ينسخ بالعربية.

وفي خلافة عمر بن الخطاب بقي المصحف على حاله لدى عمر، وبقي الاعتماد الأساسي على الحفظ والإقراء، مع الاستعانة بالصحف الخاصة لدى الصحابة، والمصحف الإمام الموجود لدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

[المبحث الثالث الرسم العثماني]

وفي عهد عثمان بن عفان خاف الصحابة على الناس من الاختلاف في القرآن بسبب عدم توفر نسخ قرآنية بين أيدي الناس يقرءون بها، وقد توزّع الحفّاظ في الأمصار وعظمت الفتوح، ودخل الناس في دين الله أفواجا.

ولم يكن الحفّاظ والقرّاء- مهما بلغوا من الكثرة- ليستطيعوا أن يقرءوا الناس جميعا في سائر الأمصار؛ كما كان الأمر في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والشيخين.

<<  <   >  >>