للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عبادة بن الصامت- رضي الله عنه-: «كان الرجل إذا هاجر دفعه النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى رجل منا يعلمه القرآن، وكان يسمع لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ضجة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا». وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ القرآن في شهر. قلت: إني أجد قوة. قال: فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك» (١).

وكانت النتيجة لكل هذا أن عدد الحفاظ من الصحابة كان كبيرا، ويكفي أن نعلم أنه قتل منهم يوم بئر معونة ويوم اليمامة، أربعون ومائة، قال القرطبي: قد قتل يوم اليمامة سبعون من القراء، وقتل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببئر معونة- وما أدراك ما يوم بئر معونة- مثل هذا العدد!

غير أن الذين اشتهروا من الصحابة بحفظ القرآن: الخلفاء الأربعة، وطلحة، وسعد، وحذيفة، وسالم مولى أبي حذيفة، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وعمرو بن العاص، وابن الزبير، ومعاوية، وعائشة، وحفصة. كما حفظه من الأنصار في حياة النبيّ صلى الله عليه وسلم: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو الدرداء، وأنس بن مالك، وكثيرون غيرهم.

ويمكن القول إن حفظهم للقرآن بهذه الأعداد الكبيرة يمثل لونا من ألوان «التوثيق»، إلى جانب أن بعضهم ربما قرأ أو عرض ما يحفظه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج البخاري من حديث عبد الله بن مسعود- وقد جعله النبيّ صلى الله عليه وسلم واحدا من أربعة أمر بأن يؤخذ عنهم القرآن (٢) - قال: قال لي النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اقرأ عليّ، قلت:

يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب- وفي رواية: أشتهي- أن


(١) صحيح البخاري ٦/ ١١٤ وانظر فيه كذلك الرواية الأخرى المطوّلة، ص ١١٣، وراجع: جامع الأصول لابن الجزري ٢/ ٤٧١ - ٤٧٣ تحقيق عبد القادر الأرناءوط، طبع دمشق ١٣٨٩.
(٢) صحيح البخاري ٦/ ١٠٢، وفيه: «قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبيّ بن كعب. وانظر جامع الأصول لابن الأثير الجزري ٢/ ٥٠٧.

<<  <   >  >>