للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتأليف، منهم أبو عمرو الداني في كتابه «المقنع» وأبو العباس المراكشي في كتابه «عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل» وغيرهما.

وقد بقي هذا الرسم العثماني سنّة متبعة إلى يوم الناس هذا، لا يغير ولا يبدل، وإلى ذلك ذهب علماء المسلمين على مدى العصور، فكرهوا أو حرّموا تغييره تبعا لتغير رسوم الهجاء باختلاف الزمان والمكان؛ وزيادة في الحيطة والخشية والحذر من أي تغيير يعود أو يصيب النص القرآني ولو في ناحية شكلية محضة؛ سئل الإمام مالك: «هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا .. إلا على الكتبة الأولى» وقال الإمام أحمد بن حنبل: «يحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك».

أما صور اختلاف الرسم العثماني عن «الرسم الإملائي» فكثيرة، ذكر ابن قتيبة أن من أشهرها حذف ألف التثنية: قال «رجلن» - قال رجلان- وكتابة:

«الصلاة، والزكاة، والحياة» بالواو: الصلاة، والزكوة، والحيوة. وكتابة «الربو» - الربا- بالواو. كما كتبوا «فمال الذين كفروا» بلام منفردة. وكتبوا «أو لا أذبحنّه» بزيادة ألف، وكذلك «ولا أوضعوا خلالكم» بزيادة ألف بعد لام ألف. قال ابن قتيبة: «وهذا أكثر في المصحف من أن نستقصيه» ونحن- في هذه العجالة- أولى بهذا القول من ابن قتيبة رحمه الله.

والذي يمكن أن نختم به هذه الفقرة، تأكيدا لما ذهب إليه العامة من كراهية تغيير هذا الرسم، أن الذي رفضه العلماء خلال العصور هو: إخضاع الرسم العثماني للتغيير بحسب تطور قواعد الرسم والإملاء، لا ترك ذلك الرسم مخالفا لهذه القواعد ... لأن المصاحف العثمانية لم تكتب في الأصل بغير الرسم والإملاء الذي كان قائما وقت تدوينها، أو التي وضعت عند تدوين المصاحف (١)؛ فدعوى


(١) قال القرطبي: «وكتبت المصاحف على ما هو عليه غابر الدهر» ١/ ٥٤.

<<  <   >  >>