للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) [سورة غافر، الآية ١٨]. فالقلوب كأنما تفارق مواضعها وتبلغ الحناجر من شدة الضيق!

وقال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ [سورة النساء، الآية ٩٠] أي ضاقت صدورهم من الحيرة والحرج بين أن يقاتلوكم انتصارا لقومهم، أو يقاتلوا قومهم انتصارا لكم.

ومنه التعبير عن عدم الهداية والانتفاع بالسماع بأن هناك حواجز مادية- مجسّمة- تفصل بينهم وبين الهدى والسماع: جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً [سورة الكهف، الآية ٥٧].

وقال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤) [سورة، محمد، الآية ٢٤].

وقال عزّ من قائل: إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩) [سورة يس، الآيتان ٨ - ٩].

ومعنى: أكنّة: أغطية. والوقر: الصمم، وأصله: الثقل، والمقمحون:

المرفوعو الرأس اضطرارا.

وانظر إلى الشواهد التالية التي اجتمع فيها التخييل والتجسيم حيث صورت الآيات الأمور المعنوية جسما محسوسا، وخيّلت حركة لهذا الجسم أو حوله من إشعاع التعبير.

قال تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وقال تعالى:

وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ. وقال تعالى: وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ.

وقال: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ.

<<  <   >  >>