للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الزركشي: «وتسمّى فواصل لأنه ينفصل عندها الكلامان؛ وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها» (١).

ولهذا لا يشترط في الفاصلة الموافقة في الإعراب لما قبلها- على تقدير عدم الوقوف- لأن الوقوف على رءوس الآي سنّة متّبعة؛ ولهذا صرح العلماء بأن «مبنى الفواصل على الوقف: ولهذا شاع مقابلة المرفوع بالمجرور والعكس، وكذا المفتوح والمنصوب غير المنوّن، ومنه قوله تعالى: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) مع تقدم قوله: عَذابٌ واصِبٌ (٩) وشِهابٌ ثاقِبٌ (١٠) (٢) وكذا: بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وأَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) (٣).

ومع هذا، فإننا- في قضية تعريف الفاصلة- ندع الباب مفتوحا لدراسة أنواع من الفواصل- الأخرى- التي أشار إليها الداني، ونكتفي هنا بذكر بعض الشواهد القرآنية الموضحة في الوقت الذي نخصص فيه سائر هذا الفصل للكلام على الفاصلة- الكلمة- التي تختم بها الآية من القرآن.

يقول تعالى في سورة «يس» - السورة ٣٦ - وقد اخترنا جميع هذه الشواهد من هذه السورة: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ، فَهُمْ لا

يُؤْمِنُونَ

(٧) [الآيتان ٦ - ٧]. آباؤهم- أكثرهم. غافلون- لا يؤمنون.

وقال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) ثم قال تعالى:

لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٦) [الآيات ٧٤ - ٧٦]. نصرهم- قولهم ...


(١) البرهان ١/ ٥٤.
(٢) انظر الآيات ٩، ١٠، ١١ من سورة الصافات (٣٧).
(٣) انظر الآيتين ١١، ١٢ من سورة القمر (٥٤).

<<  <   >  >>