للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخرى (١). وهي المناسبات التي أومأت عندنا إلى هذه النقاط:

(أ) توثيق وقائع السيرة النبوية والدلالة على أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيّين:

إن هذا النزول المنجم هيأ الفرصة لضمّ سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى سائر قصص الأنبياء والمرسلين، وحياة الأمم السابقين، وأحداث التاريخ الكبرى منذ آدم ونوح. وهي الأحداث التي ختمت بأعظم وقائع التاريخ الإنساني، وهي واقعة بعثة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن.

لقد ارتقى القرآن الكريم بالسيرة النبوية، النبراس والمثل الذي يحتذى إلى يوم الدين، ووقائع الجماعة الإسلامية الأولى في عهديها المكي والمدني، إلى مقام التواتر والتوثيق الإلهي، ولم يدع هذه الوقائع وتلك السيرة وحدها، دون أحداث التاريخ والأمم والأنبياء السابقين، إلى الرواة والقصّاص والمؤرّخين، بالغا ما بلغت عدالتهم أو درجة ضبطهم وتوثيقهم.

إن التوثيق الذي منحه القرآن الكريم لحياة الأنبياء السابقين وقصصهم مع أقوامهم لم يبخل به عن سيرة خاتم الأنبياء والمرسلين. ولولا النزول المنجم للقرآن لما أدركنا كيف كان سيتم ذلك!

بل إن هذا التنجيم لم يتسع لأحداث السيرة النبوية ومعالمها الكبرى ..

كطريق من طرق التوثيق ارتقى بها إلى درجة التواتر .. فحسب، بل بوصفها كذلك قاعدة التاريخ الإسلامي وطليعته التي تقدمت (عمل) جيل التنزيل، أو التي تفاعل معها هذا الجيل نفسه. وفحوى ذلك أن هذا التنجيم اتّسع للحديث عن السلوك والأعمال، أو عن التطبيق والتنفيذ- كما سيتضح بعد قليل- وإن شئت قلت:

اتّسع للحديث عن السنن النفسية والاجتماعية من خلال نفاذها ووقوعها في


(١) راجع بحثنا: التاريخ بين ثقافتين: حولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، العدد الثامن ١٩٩٠ م.

<<  <   >  >>