للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثالث: فضائل الصيام]

للصيام فضائلُ كثيرةٌ شهدت بها نصوص الوحيين، ومنها:

١ - أن الصوم لا مثل له:

فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قلت: ((يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به، قال: عليك بالصيام فإنه لا مثل له (١))) (٢).

٢ - أن الله تبارك وتعالى أضافه إليه:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به .. )). أخرجه البخاري ومسلم (٣).

فجعل الله سبحانه الصوم له، والمعنى أن الصيام يختصه الله سبحانه وتعالى من بين سائر الأعمال؛ لأنه أعظم العبادات إطلاقاً؛ فإنه سر بين الإنسان وربه؛ فالإنسان لا يُعلم هل هو صائمٌ أم مفطرٌ؛ إذ نيته باطنة؛ فلذلك كان أعظم إخلاصاً؛ فاختصه الله سبحانه من بين سائر الأعمال تعظيماً لقدره.

٣ - تجتمع في الصوم أنواع الصبر الثلاثة:

وهي الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقداره سبحانه وتعالى.

فهو صبرٌ على طاعة الله؛ لأن الإنسان يصبر على هذه الطاعة ويفعلها.

وعن معصية الله سبحانه؛ لأنه يتجنب ما يحرم على الصائم.

وعلى أقدار الله تعالى؛ لأن الصائم يصيبه ألمٌ بالعطش والجوع والكسل وضعف النفس؛ فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر؛ لأنه جامعٌ بين الأنواع الثلاثة، وقد قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:١٠] (٤).

٤ - الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة:

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفِّعني فيه، فيشفعان)) (٥).

أي يشفعهما الله فيه ويدخله الجنة.

٥ - الصوم من الأعمال التي وعد الله تعالى فاعلها بالمغفرة والأجر العظيم:


(١) قال المناوي: (إذ هو يقوي القلب والفطنة، ويزيد في الذكاء ومكارم الأخلاق، وإذا صام المرء اعتاد قلة الأكل والشرب، وانقمعت شهواته وانقلعت مواد الذنوب من أصلها، ودخل في الخير من كل وجه، وأحاطت به الحسنات من كل جهة) ((فيض القدير)) (٤/ ٤٣٥). وقال السندي: (فإنه لا مثل له في كسر الشهوة ودفع النفس الأمارة والشيطان، أو لا مثل له في كثرة الثواب .. ويحتمل أن المراد بالصوم كف النفس عما لا يليق وهو التقوى كلها، وقد قال تعالى: إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ((حاشية السندي على النسائي)) (٤/ ٤٧٤).
(٢) رواه أحمد (٥/ ٢٤٩) (٢٢٢٠٣)، والنسائي (٤/ ١٦٥)، والبيهقي (٤/ ٣٠١) (٨٧٤٣). وقال: له متابعة، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(٣) رواه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١).
(٤) ((الشرح الممتع لابن عثيمين)) (٦/ ٤٥٨).
(٥) رواه أحمد (٢/ ١٧٤) (٦٦٢٦)، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) (٣/ ١٨١)، والحاكم (١/ ٧٤٠، رقم ٢٠٣٦) والبيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٣٤٦، رقم ١٩٩٤). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٢/ ١٠٧): رجاله محتج بهم في الصحيح، وقال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح. وقال في (١٠/ ٣٨١): رواه أحمد، وإسناده حسن على ضعفٍ في ابن لهيعة وقد وُثِّق.

<<  <  ج: ص:  >  >>