للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: العقل]

تمهيد

يشترط لوجوب الصوم: العقل، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن حزم (١).

الدليل:

عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل)) (٢).

الفرع الأول: زوال العقل بالجنون

المسألة الأولى: حكم الصوم على المجنون

لا يجب الصوم على المجنون، ولا يصح منه.

الأدلة:

أولا: من السنة:

عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل)) (٣).

ثانيا: الإجماع:

حكى الإجماع على ذلك النووي (٤)، وابن تيمية (٥).

المسألة الثانية: من كان جنونه مُطْبِقاً

إذا كان الجنون مُطْبِقاً، وذلك بأن يستمر إلى أن يستغرق كل شهر رمضان، فإن الصوم يسقط عنه؛ ولا قضاء عليه وهذا مذهب جمهور أهل العلم: الحنفية (٦)، والشافعية (٧)، والحنابلة (٨)، واختاره ابن حزم (٩)، وابن عبد البر (١٠).

وذلك لأن صاحب الجنون المطبق ليس أهلاً للوجوب؛ وذلك لفقدان شرط من شروطه وهو العقل؛ فلذا يرتفع عنه التكليف؛ ولا يُطالَب بالقضاء.

المسألة الثالثة: حكم صوم المجنون إذا أفاق في نهار رمضان


(١) قال ابن حزم: (اتفقوا على أن صيام نهار رمضان على الصحيح المقيم العاقل البالغ الذي يعلم أنه رمضان وقد بلغه وجوب صيامه وهو مسلم) ((مراتب الإجماع)) (ص ٣٩)، وانظر ((المحلى)) (٦/ ١٦٠)، ولم يتعقبه ابن تيمية في ((نقد مراتب الإجماع)).
(٢) رواه أبو داود (٤٤٠١)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٤/ ٣٢٣) (٧٣٤٣)، وابن حبان (١/ ٣٥٦) (١٤٣)، والحاكم (١/ ٣٨٩). وحسنه البخاري في ((العلل الكبير)) (٢٢٥)، وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (٩/ ٢٠٦)، والنووي في ((المجموع)) (٦/ ٢٥٣) والألباني في ((صحيح أبي داود)) (٤٤٠٣).
(٣) رواه أحمد (٢٤٧٣٨) وأبو داود (٤٤٠٠) والترمذي (١٤٢٣)، والنسائي (٦/ ٤٨٨). وحسنه البخاري في ((العلل الكبير)) (٢٢٥)، وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (٩/ ٢٠٦)، والنووي في ((المجموع)) (٦/ ٢٥٣) والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (١٤٢٣).
(٤) قال النووي: (المجنون لا يلزمه الصوم في الحال بالإجماع) ((المجموع)) (٦/ ٢٥١).
(٥) قال ابن تيمية: (اتفق العلماء على أن المجنون والصغير الذي ليس بمميز، ليس عليه عبادة بدنية كالصلاة والصيام .. ) ((منهاج السنة النبوية)) (٦/ ٤٩). وقال أيضاً: (وأما المجنون الذي رفع عنه القلم فلا يصح شيء من عباداته باتفاق العلماء، ولا يصح منه إيمان ولا كفر ولا صلاة ولا غير ذلك من العبادات) ((مجموع الفتاوى)) (١١/ ١٩١).
(٦) ((فتح القدير للكمال ابن الهمام)) (٢/ ١٥٩)، ((حاشية رد المحتار لابن عابدين)) (٢/ ٤٣٣).
(٧) ((المجموع للنووي)) (٦/ ٢٥١).
(٨) ((الإنصاف للمرداوي)) (٣/ ٢٠٨).
(٩) قال ابن حزم: (وأما من بلغ مجنوناً مطبقاً فهذا لم يكن قط مخاطباً ولا لزمته الشرائع ولا الأحكام ولم يزل مرفوعاً عنه القلم، فلا يجب عليه قضاء صوم أصلاً بخلاف قول مالك فإذا عقل فحينئذ ابتدأ الخطاب بلزومه إياه لا قبل ذلك) ((المحلى)) (٦/ ٢٢٧ - ٢٢٨).
(١٠) قال ابن عبد البر: (والذي أقول به أن القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يحتلم كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا صيام على واحد منهما إذا كان في رمضان في تلك الحال حتى يفيق المجنون ويحتلم الصبي وعلى هذا أكثر الرواة) ((الكافي)) (١/ ٣٣١). وقال أيضاً: (وذلك أنهم أجمعوا على أن المجنون المطبق لا شيء عليه بخروج الوقت من صلاة ولا صيام إذا أفاق من جنونه وإطباقه) ((التمهيد)) (٣/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>