للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع التاسع: استحباب صيام أيام البِيض

استحب جمهور أهل العلم من الحنفية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، وجماعةٌ من المالكية (٤) أن يكون صيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر في الأيام البِيض (٥).

واستشهدوا بحديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم أوصاه بصيام أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر (٦).

وروي عن موسى الهذلي قال: ((سألت ابن عباس عن صيام ثلاثة أيام البيض، فقال: كان عمر يصومهن)) (٧).

الفرع العاشر: صوم يوم وإفطار يوم

يستحب صيام يومٍ وإفطار يومٍ، وهو أفضل صيام التطوع، وقد حكى ابن حزم الإجماع على أن التطوع بصيام يومٍ وإفطار يومٍ حسن على ألا يُصام يومُ الشك ولا اليوم الذي بعد النصف من شعبان ولا يوم الجمعة ولا أيام التشريق الثلاثة بعد يوم النحر، ولا يومي العيدين (٨).

الأدلة:

١ - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود: وكان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً)). أخرجه البخاري ومسلم (٩).

وجه الدلالة:

الحديث يدل على أن صوم يوم وإفطار يوم أحب إلى اللَّه تعالى من غيره، وإن كان أكثر منه وما كان أحب إلى اللَّه جل جلاله، فهو أفضل، والاشتغال به أولى.


(١) ((المبسوط للسرخسي)) (١١/ ٤١٧)، ((بدائع الصنائع للكاساني)) (٢/ ٧٩).
(٢) ((الحاوي الكبير للماوردي)) (٣/ ٤٧٥)، ((المجموع للنووي)) (٦/ ٣٨٥).
(٣) ((المغني لابن قدامة)) (٣/ ٥٩)، ((كشاف القناع للبهوتي)) (٢/ ٣٣٧).
(٤) ((الكافي لابن عبدالبر)) (١/ ١٢٩)، ((التاج والإكليل للمواق)) (٢/ ٤١٤)، ((الشرح الكبير للدردير)) (١/ ٥١٧).
(٥) وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر عربي؛ وسميت هذه الأيام بذلك لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها لآخرها لتكامل ضوء الهلال وشدة البياض فيها. انظر ((مغني المحتاج للشربيني الخطيب)) (١/ ٤٤٧) و ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (٢٨/ ٩٣). ويصح أن تقول (أيام البيض) أو (الأيام البيض) انظر: ((فتح الباري لابن حجر)) (٤/ ٢٢٦).
(٦) اختلف أهل العلم في تصحيح الأحاديث الواردة في صيام أيام البِيض وتحديدها بالثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وبوب الإمام البخاري في صحيحه، فقال في كتاب الصوم: باب صيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، ثم أورد فيه ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر. وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية (١٠/ ٤٠٤): (الأفضل لمن أراد صيام ثلاثة أيام من الشهر أن يصوم أيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وإن صام ثلاثة غيرها فلا بأس ... لأنه صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولم يحدد أيام البيض).
(٧) أخرجه الحارث في مسنده كما في ((المطالب العالية)) (٦/ ٢٠٨) , و ((بغية الباحث للهيثمي)) (١/ ٢١٩) , وابن جرير كما في ((تهذيب الآثار)) (٢/ ٨٥٦)، والحديث قال عنه النيسابوري كما في ((شرح ابن ماجه لمغلطاي)) (١/ ٦٤٧): هذا حديث تام حسن، وقال ابن حجر في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (١/ ١٠٧): رجاله ثقات.
(٨) ((مراتب الإجماع)) (ص ٤٠ - ٤١)، ولم يتعقبه ابن تيمية في ((نقد مراتب الإجماع)).
(٩) رواه البخاري (١١٣١)، ومسلم (١١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>