للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الدعاء عند ختم القرآن الكريم]

لا يشرع للإمام الدعاء في الصلاة بعد ختم القرآن، وإليه ذهب الإمام مالك (١)، واختاره ابن عثيمين (٢) وبكر أبو زيد (٣).

وذلك لأن العبادات مبناها على الشرع والإتباع وليس لأحدٍ أن يعبد الله تعالى إلا بما شرعه سبحانه، أو سنَّه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ودون ذلك ابتداعٌ في الدين، وليس في هذه المسألة شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن صحابته رضي الله تعالى عنهم.

كما أن ذلك من العبادات الجهرية التي لو وقعت لنقل وقوعها واشتهر أمرها في كتب الرواية والأثر.


(١) سُئِلَ الإمام مالك عن الدعاء عند خاتمة القرآن، فقال: (لا أرى أن يدعو ولا نعلمه من عمل الناس) ((البيان والتحصيل لأبي الوليد القرطبي)) (١/ ٣٦٢). وقال مالك: (ليس ختم القرآن في رمضان بسنة للقيام) ((المدونة الكبرى)) (١/ ٢٨٨).
(٢) قال الشيخ ابن عثيمين: (إن دعاء ختم القرآن في الصلاة لا شك أنه غير مشروع؛ لأنه وإن ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان يجمع أهله عند ختم القرآن ويدعو، فهذا خارج الصلاة، وفرق بين ما يكون خارج الصلاة وداخلها، فلهذا يمكن أن نقول: إن الدعاء عند ختم القرآن في الصلاة لا أصل له، ولا ينبغي فعله حتى يقوم دليل من الشرع على أن هذا مشروع في الصلاة). ((الشرح الممتع)) (٤/ ٤٢). وقال أيضاً: (لا أعلم أن للختمة عند انتهاء القرآن أصلاً من السنة، وغاية ما ورد في ذلك ما ذكر عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان إذا أراد أن يختم القرآن جمع أهله فدعا، أما أن تكون في الصلاة فلا أعلم في ذلك سنة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١٤/ ٢١٢). فائدة: حول متابعة الإمام في الختمة: قال ابن عثيمين: (وحتى المتابعة بالختمة لا بأس بها أيضا ... وما دام أن الأمر ليس إليك، ولكن إمامك يفعلها؛ فلا مانع من فعلها) ((الشرح الممتع)) (٤/ ٦٣ - ٦٤) وقال أيضا: (بعض إخواننا الذين يرون أنهم متبعون للسلف والسنة يخرجون من المسجد الحرام لئلا يتابعوا الإمام على دعاء الختمة، وبعضهم لئلا يتابع الإمام على ثلاثٍ وعشرين ركعة، وكأن ثلاثاً وعشرين ركعة من الفسوق والمعصية العظيمة التي يخالف عليها الإمام، ويخرج من المسجد الحرام من أجلها، وبعضهم يجلس بين المصلين يتحدث إلى أخيه، وربما يجهر بالحديث من أجل أن يشوش ـ والله أعلم ـ على هذه الصلاة البدعية على زعمه!!! على كلٍّ أقول: إن هذا من قلة الفقه في الدين، وقلة اتباع السلف والبعد عن منهجهم، فالسلف يكرهون الخلاف، فإنهم وإن اختلفت الأقوال فقلوبهم متفقة، وما أمروا بالاتفاق فيه فعلوه ولو كانوا لا يرونه وهذا من فقه الصحابة رضي الله عنهم، وهذه المخالفات التي تقع من قلة الفقه بيننا) ((الشرح الممتع)) (٤/ ٣٦٠ - ٣٦١)
(٣) ينظر الرسالة التي أفردها في هذا الموضوع ((جزء في مرويات دعاء ختم القرآن)).

<<  <  ج: ص:  >  >>