للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب عن الميت]

من مات وقد نذر قبل موته الاعتكاف فلم يعتكف، فقد اختلف أهل العلم هل يستحب لوليه أن يقضي هذا الاعتكاف عنه أو لا، على قولين:

القول الأول: لا يستحب لوليه أن يقضيه عنه، ويطعم عنه إن أوصى، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣).

الأدلة:

١ - عموم قوله تعالى: وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى [النجم:٣٩]

٢ - عموم قوله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء:١٥]

القول الثاني: يستحب لوليه أن يقضي هذا الاعتكاف عنه، وهو المذهب عند الحنابلة (٤)، وقولٌ للشافعي (٥)، وذهب إليه ابن عثيمين (٦)

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عموم الأحاديث التالية:

١ - عن ابن عباس رضي الله عنهما، ((أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر. فقال: اقضه عنها)). أخرجه البخاري ومسلم (٧)

٢ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال: لو كان على أمك دينٌ، أكنت قاضيه عنها؟ قال: نعم. قال: فدين الله أحق أن يُقضَى)). أخرجه البخاري ومسلم (٨)

فقوله صلى الله عليه وسلم: ((فدين الله أحق أن يقضى)) يشمل نذر الاعتكاف؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

ثانياً: القياس:

فقضاء الاعتكاف عن الميت قياساً على الصوم؛ لأن كلاًّ منهما كفٌّ ومنع (٩).


(١) ((حاشية ابن عابدين)) (٨/ ٤٧١).
(٢) ((الذخيرة للقرافي)) (٢/ ٥٤٧).
(٣) ((المجموع للنووي)) (٣/ ٣٧٢).
(٤) ((المغني لابن قدامة)) (١٠/ ٨٦)، ((كشاف القناع للبهوتي)) (٢/ ٣٣٦).
(٥) ((المجموع للنووي)) (٦/ ٣٧٢)، ((مغني المحتاج للشربيني الخطيب)) (١/ ٤٣٩).
(٦) قال ابن عثيمين: (رجلٌ نذر أن يعتكف ثلاثة أيام من أول شهر جمادى الآخرة، ولم يعتكف ومات، فيعتكف عنه وليه؛ لأن هذا الاعتكاف صار ديناً عليه، وإذا كان ديناً فإنه يقضى، كما يقضى دين الآدمي. وقوله: <اعتكاف نذر> قد يفهم منه أن هناك اعتكافاً واجباً بأصل الشرع وليس كذلك؛ لأن الاعتكاف لا يكون واجباً إلا بالنذر) ((الشرح الممتع)) (٦/ ٤٥٤).
(٧) رواه البخاري (٢٧٦١)، ومسلم (١٦٣٨).
(٨) رواه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨) واللفظ له.
(٩) ((مغني المحتاج للشربيني الخطيب)) (١/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>