للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الخامس: الاستطاعة البدنية]

المطلب الأول: من لا يستطيع أن يثبت على الآلة أو الراحلة

من لا يستطيع أن يثبت على الآلة، أو ليس له قوة أن يستمسك على الراحلة فهذا لا يجب عليه أن يؤدي بنفسه فريضة الحج باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤) (٥).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران: ٩٧].

وجه الدلالة:

أن من لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أو يستمسك بها فهو غير مستطيع, فلا يجب عليه الحج، لأنه إنما وجب على من استطاع إليه سبيلاً.

ثانياً: من السنة:

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه جاءته امرأة من خثعم تستفتيه، قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم)) رواه البخاري ومسلم (٦)، وفي رواية لمسلم: ((قالت: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، عليه فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال صلى الله عليه وسلم: فحجي عنه)) رواه مسلم (٧).

ثالثاً: الإجماع:

نقل القرطبي الإجماع على عدم وجوب الحج على من لم يستطع أن يثبت على الراحلة (٨).

المطلب الثاني: صحة البدن؛ هل هي شرط لأصل الوجوب، أو شرط للأداء بالنفس؟


(١) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٢١)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي, و ((حاشية الشلبي)) (٢/ ٣).
(٢) قال ابن عبدالبر: (اتفق مالك وأبو حنيفة أن المعضوب الذي لا يتمسك على الراحلة ليس عليه الحج). ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٩/ ١٢٨)، ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (١/ ٣٥٦).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١١٢)، ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١١).
(٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٢٢)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ١٧٧).
(٥) قال ابن عثيمين: (وفي وقتنا الحاضر وقت الطائرات، والسيارات، فالذي لا يمكنه الركوب نادر جداً، ولكن مع ذلك فبعض الناس تصيبه مشقة ظاهرة في ركوب السيارة، والطائرة، والباخرة، فربما يغمى عليه، أو يتعب تعباً عظيماً، أو يصاب بغثيان وقيء، فهذا لا يجب عليه الحج، وإن كان صحيح البدن قوياً). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٢٤).
(٦) رواه البخاري (١٥١٣)، ومسلم (١٣٣٤).
(٧) رواه مسلم (١٣٣٥).
(٨) قال القرطبي: (من انتهى إلى ألا يقدر أن يستمسك على الراحلة ولا يثبت عليها بمنزلة من قطعت أعضاؤه، إذ لا يقدر على شي. وقد اختلف العلماء في حكمهما بعد إجماعهم أنه لا يلزمهما المسير إلى الحج، لأن الحج إنما فرضه على المستطيع إجماعاً، والمريض والمعضوب لا استطاعة لهما). ((تفسير القرطبي)) (٤/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>