للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث: التطيب]

المطلب الأول: حكم الطيب قبل الإحرام

التطيب في البدن لا في الثياب، مسنونٌ قبل الدخول في الإحرام؛ استعداداً له، ولو بقي جرمه بعد الإحرام، وهو مذهب الجمهور من الحنفية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، وبه قال طائفة من السلف (٤).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)) (٥).

٢ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كأني أنظر إلى وبيص الطيب (٦) في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم)) (٧).

٣ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كنا نضمِّخ (٨) وجوهنا بالمسك المطيَّب قبل أن نحرم، ثم نحرم فنعرق فيسيل على وجوهنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا)) (٩).

ثانياً: أن الطيب معنىً يراد للاستدامة فلم يمنع الإحرام من استدامته كالنكاح (١٠).

ثالثاً: أن المقصود من استنانه حصول الارتفاق به حالة المنع منه كالسحور للصوم (١١).

المطلب الثاني: التطيب في ثوب الإحرام

يمنع المحرم من تطييب ثوبه قبل الإحرام وبعده، وهو مذهب الحنفية (١٢)، والمالكية (١٣)، وقول للشافعية (١٤)، وقولٌ للحنابلة اختاره الآجري (١٥)، وصححه ابن عثيمين (١٦).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المحرم: ((لا يلبس ثوباً مسه ورس ولا زعفران)).

ثانياً: أن الطيب يبقى في الثوب ولا يستهلك بخلاف البَدَن، فلا يقاس عليه (١٧).


(١) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٤٥)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: ٤٧٩).
(٢) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢١٨)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٧٩).
(٣) ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣٦٠)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٠٦).
(٤) قال النووي: (وبه قال جمهور العلماء من السلف, والخلف, والمحدثين, والفقهاء منهم سعد بن أبي وقاص, وابن عباس, وابن الزبير, ومعاوية, وعائشة, وأم حبيبة, وأبو حنيفة, والثوري, وأبو يوسف, وأحمد, وإسحاق, وأبو ثور, وابن المنذر, وداود وغيرهم) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٢١ - ٢٢٢)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٥٨).
(٥) رواه البخاري (١٥٣٩)، ومسلم (١١٨٩).
(٦) وبيص الطيب: أي بَرِيقَه. ((لسان العرب)) لابن منظور (مادة: وبص).
(٧) رواه البخاري (١٥٣٨)، ومسلم (١١٩٠).
(٨) التضمخ: التلطخ بالطيب وغيره والإِكثار منه حتى كأنما يقطر. ((لسان العرب)) لابن منظور (مادة: ضمخ).
(٩) رواه أحمد (٢٤٥٠٢)، وأبو داود (١٨٣٠)، والبيهقي (٥/ ٤٨) (٩٣١٨). حسنه النووي في ((المجموع)) (٧/ ٢١٤)، وقال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (٢/ ١٨١): (رجال إسناده ثقات) وقال الصنعاني في ((سبل السلام)) (٢/ ٣٠٧): (ثابت)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود))، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (١٦٢٢).
(١٠) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٢٢).
(١١) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٤٥).
(١٢) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٤٥)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (١/ ٣٩٤).
(١٣) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٢٦)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٢٢٠).
(١٤) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٧١)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (٣/ ٢٧٠).
(١٥) ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣٢٥)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٠٧).
(١٦) قال ابن عثيمين: (أما تطييب الثوب، أي: ثوب الإحرام فإنه يكره، لا يطيب، لا بالبخور ولا بالدهن، وإذا طيبه، فقال بعض العلماء: إنه يجوز أن يلبسه إذا طيبه قبل أن يعقد الإحرام لكن يكره. وقال بعض العلماء: لا يجوز لبسه إذا طيبه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((لا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس))، فنهى أن نلبس الثوب المطيب، وهذا هو الصحيح) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٦٥).
(١٧) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (٢/ ١٧٢)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>