للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - عن جابر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((دخلت العمرة في الحج، مرتين)) (١).

وجه الدلالة:

أن تصريحه صلى الله عليه وسلم بدخولها فيه يدل على دخول أعمالها في أعماله حالة القران (٢).

ثانياً: الآثار:

١ - عن سلمة بن كهيل قال: ((حلف طاوس: ما طاف أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجه وعمرته إلا طوافاً واحداً)) (٣).

٢ - عن نافع: ((أن ابن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال وإنا نخاف إن يصدوك، فقال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: ٢١] إذًا أصنع كما صنع رسول الله عليه وسلم، إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة، ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت حجًا مع عمرتي وأهدى هديًا اشتراه بقديد، ولم يزد على ذلك فلم ينحر ولم يحل من شيء حرم منه ولم يحلق ولم يقصر حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول. وقال ابن عمر: كذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم)) (٤)

وجه الدلالة:

أن في هذه الرواية التصريح من ابن عمر باكتفاء القارن بطواف واحد، وهو الذي طافه يوم النحر للإفاضة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك فعل (٥).

٣ - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((من قرن بين حجه وعمرته أجزأه لهما طواف واحد) وفي لفظ: ((من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما حتى يحل منهما)) (٦).

الفرع الثاني: وجوب الهدي على القارن:

يجب الهدي على القارن، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (٧)، والمالكية (٨)، والشافعية (٩)، والحنابلة (١٠)، وبه قال أكثر الفقهاء (١١).

الأدلة:

أولاً: أن القارن داخل في مسمى التمتع في عرف الصحابة رضي الله عنهم، ويدل على ذلك ما يلي:

- عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: ((تمتع نبي الله وتمتعنا معه)) (١٢).

وجه الدلالة:

أنه وصف نسكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالتمتع مع كونه صلى الله عليه وسلم كان قارناً.

- عن سعيد بن المسيب، قال: ((اختلف علي وعثمان رضي الله عنهما وهما بعسفان في المتعة، فقال علي: ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعاً)) (١٣).

ثالثا: أن الهدي إذا كان واجباً على المتمتع؛ لأنه تمتع بسقوط سفره الثاني من بلده، فلأن يجب على القارن أولى؛ لأنه جمع بين النسكين في إحرام واحد، وقد اندرجت جميع أفعال العمرة في أفعال الحج (١٤) ..

رابعاً: أن إيجاب الهدي على القارن هو إجماع من يعتد به من أهل العلم، نقله الشنقيطي (١٥)، ووصف ابن حجر قول ابن حزم بعدم الوجوب بالشذوذ (١٦).


(١) رواه البخاري (١٧٨٥)، ومسلم (١٢١٨).
(٢) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٣٧٨)، ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (٩/ ٦٧).
(٣) قال ابن حجر: (هذا إسناد صحيح) ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٤٩٥).
(٤) رواه البخاري (١٦٤٠)، ومسلم (١٢٣٠).
(٥) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٣٧٦)، ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (٩/ ٦٥).
(٦) قال ابن مفلح في ((الفروع)): (إسناده جيد) , رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
(٧) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ١٦٥) ((بدائع الصنائع)) (٢/ ١٧٤).
(٨) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (١/ ٣٨٤)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٨٤).
(٩) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٩٠)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٧).
(١٠) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤٦)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٣/ ٣١١).
(١١) منهم: ابن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهم. ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ١٦٥)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٩٠).
(١٢) رواه مسلم (١٢٢٦).
(١٣) رواه البخاري (١٥٦٩)، ومسلم (١٢٢٣).
(١٤) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٩٣)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٩٠)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٧)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٤٦).
(١٥) قال الشنقيطي: (أجمع من يعتد به من أهل العلم أن القارن يلزمه ما يلزم المتمتع من الهدي، والصوم عند العجز عن الهدي، وهذا مذهب عامة العلماء، منهم الأئمة الأربعة، إلا من شذ شذوذاً لا عبرة به، وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافاً له وجه من النظر، إلا من شذ شذوذاً لا عبرة به، وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافاً له وجه من النظر) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (باختصار ٥/ ١٢٨).
(١٦) ((فتح الباري)) لابن حجر (٤/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>