للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: التمتع في الحج]

المطلب الأول: تعريف التمتع

التمتع هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحل منها، ثم يحرم بالحج من عامه (١).

المطلب الثاني: سبب تسمية النسك بالتمتع

السبب الأول: أن المتمتع يتمتع بإسقاط أحد السفرين عنه، فشأن كل واحد من النسكين أن يحرم به من الميقات، وأن يرحل إليه من قطره، فإذا تمتع بالنسكين في سفرة واحدة، فإنه يكون قد سقط أحدهما، فجعل الشرعُ الدمَ جابراً لما فاته، ولذلك وجب الدم أيضاً على القارن، وكل يوصف بالتمتع في عرف الصحابة لهذا المعنى، ولذلك أيضاً لم يجب الدم على المكي متمتعاً كان أو قارناً؛ لأنه ليس من شأنه الميقات ولا السفر.

السبب الثاني: أن المتمتع يتمتع بين العمرة والحج بالنساء والطيب، وبكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله في العمرة إلى وقت الحج، وهذا يدل عليه الغاية في قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة: ١٩٦]، فإن ذلك يدل على أن ثمة تمتعا بين العمرة والحج، ويدل عليه أيضاً لفظ التمتع فإنه في اللغة بمعنى التلذذ والانتفاع بالشيء.

السبب الثالث: أن التمتع سُمِّي بذلك لانتفاعه بالتقرب إلى الله تعالى بالعبادتين.

السبب الرابع: أن التمتع سمي بذلك لتمتعه بالحياة حتى أدرك إحرام الحجة.

والسببان الأولان: هما المشهوران عند أهل العلم (٢).

المطلب الثالث: صور التمتع

التمتع له صورتان:

الصورة الأصلية:

أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج بعد فراغه من العمرة، وهذه الصورة صحيحة بالإجماع، ونقله ابن المنذر (٣)، وابن عبدالبر (٤)، والقرطبي (٥).

الصورة الطارئة: فسخ الحج إلى عمرة


(١) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٩/ ٢٠٨).
(٢) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٣٤٤)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٩٣)، ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (٨/ ٤٥٩)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٩/ ٢٠٨).
(٣) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من أهل بعمرة في أشهر الحج من أهل الآفاق من الميقات وقدم مكة ففرغ منها وأقام بها وحج من عامه أنه متمتع) ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٥٦).
(٤) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٣٤٢، ٣٤٤).
(٥) ((تفسير القرطبي)) (٢/ ٣٩٠،٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>