للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا لم يتيسر للطائف أداؤها خلف المقام بسبب الزحام أو غيره، فإنه يصليها في أي مكانٍ تيسر في المسجد (١)، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (٢) , والمالكية (٣) , والشافعية (٤) والحنابلة (٥) (٦).

المبحث التاسع: استلام الحجر بعد الانتهاء من الطواف

يسن لمن انتهى من طوافه وصلى ركعتي الطواف أن يعود إلى الحجر فيستلمه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (٧) , والمالكية (٨) , والشافعية (٩) , والحنابلة (١٠).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((ثم رجع إلى الركن فاستلمه)).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك ابن قدامة (١١) وابن عبدالبر (١٢).

مسألة: الكلام في الطواف:

يكره الكلام في الطواف لغير حاجة، وهو قول الجمهور من الحنفية (١٣)، والمالكية (١٤)، والحنابلة (١٥).

الأدلة:

١ - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله تعالى قد أحل فيه النطق فمن نطق فلا ينطق فيه إلا بخير)) (١٦).

٢ - عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة، بإنسانٍ ربط يده إلى إنسان بسير، أو بخيط، أو بشيءٍ غير ذلك، فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده، ثم قال: قده بيده)) (١٧).

وجه الدلالة:

أنه لولا كراهة الكلام لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم أن يشير إليه بيده.


(١) قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن الطائف يجزئه أن يصلي الركعتين حيث شاء، وانفرد مالك، فقال: لا يجزئه أن يصليهما في الحِجْر) الإجماع (ص: ٥٦).
(٢) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (٢/ ١٨) , ((الفتاوى الهندية)) (١/ ٢٢٦) , ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٤٨).
(٣) واستثنوا من ذلك الحِجْر. انظر: ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٦٧).
(٤) ((الأم)) للشافعي (٢/ ٢٤٢) , ((المجموع)) للنووي (٨/ ٤٩) ,
(٥) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٤٠٠) , ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٨٤).
(٦) قال ابن باز: (فإذا فرغ من الطواف، صلى ركعتين خلف المقام إن تيسر ذلك، وإن لم يتيسر ذلك لزحامٍ ونحوه صلاهما، في أي موضعٍ من المسجد) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ٦٢). قال ابن عثيمين: (فالخطأ هنا أن بعض الناس يعتقد أنه لابد أن تكون ركعتا الطواف خلف المقام وقريباً منه، والأمر ليس كما ظن هؤلاء، فالركعتان تجزئان في كل مكانٍ من المسجد، ويمكن للإنسان أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة ولو كان بعيداً منه، ويحصل بذلك على السنة من غير إيذاءٍ للطائفين ولا لغيرهم) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٢/ ٤١٣).
(٧) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (٢/ ١٩) , ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٤٨).
(٨) ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٦٧) , ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (١/ ٦٧٠).
(٩) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٦٧) , ((نهاية المحتاج)) للرملي (٣/ ٢٩١).
(١٠) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٩١)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ١٥).
(١١) قال ابن قدامة: (وإذا فرغ من الركوع، وأراد الخروج إلى الصفا، استحب أن يعود فيستلم الحجر، نص عليه أحمد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ذكره جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ابن عمر يفعله، وبه قال النخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه خلافاً) ((المغني)) (٣/ ١٩١).
(١٢) قال ابن عبدالبر: (وأما استلام الركن فسنةٌ مسنونةٌ عند ابتداء الطواف، وعند الخروج بعد الطواف، والرجوع إلى الصفا، لا يختلف أهل العلم في ذلك قديماً وحديثاً والحمد لله) ((التمهيد)) (٢٤/ ٤١٦).
(١٣) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٨٣)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣١).
(١٤) ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٦٩).
(١٥) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٨٧).
(١٦) رواه الترمذي (٩٦٠)، والدارمي (٢/ ٦٦) (١٨٤٧)، وابن حبان (٩/ ١٤٣) (٣٨٣٦)، وابن الجارود ((المنتقى)) (١/ ١٢٠)، والطبراني (١١/ ٣٤) (١٠٩٥٥)، والحاكم (٢/ ٢٩٣)، والبيهقي (٥/ ٨٥) (٩٠٧٤). قال الحاكم: صحيحٌ على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال ابن حجر في ((التلخيص)) (١/ ١٩٦): إسناده صحيح، ورجح وقفه الترمذي, والنسائي, والبيهقي، وابن الصلاح, والمنذري, والنووي، انظر (التلخيص الحبير)) (١/ ٣٥٩)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٣٩٥٤).
(١٧) رواه البخاري (١٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>