للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الخامس: شروط السعي]

الشرط الأول: استيعاب ما بين الصفا والمروة

يشترط في صحة كل شوطٍ من أشواط السعي، قطع جميع المسافة بين الصفا والمروة (١)، فإن لم يقطعها كلها لم يصح، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (٢)، والمالكية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥).

الأدلة:

أولاً: فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال: ((لتأخذوا مناسككم)) (٦) (٧).

ثانياً: أن المسافة للسعي محددةٌ من قبل الشرع، والنقص عن الحد مبطل (٨).

الشرط الثاني: الترتيب بأن يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة

يشترط أن يبدأ سعيه بالصفا، وينتهي بالمروة، حتى يختم سعيه بالمروة، فإن بدأ بالمروة، ألغى هذا الشوط، وهذا باتفاق المذهبة الأربعة: الحنفية (٩) والمالكية (١٠)، والشافعية (١١)، والحنابلة (١٢) (١٣).

الأدلة:


(١) قال النووي: (لو كان راكباً اشترط أن يسير دابته، حتى تضع حافرها على الجبل أو إليه حتى لا يبقى من المسافة شيء، ويجب على الماشي أن يلصق في الابتداء والانتهاء رجله بالجبل، بحيث لا يبقى بينهما فرجة فيلزمه أن يلصق العقب بأصل ما يذهب منه ويلصق رؤوس أصابع رجليه بما يذهب إليه، هذا كله إذا لم يصعد على الصفا وعلى المروة، فإن صعد فهو الأكمل وقد زاد خيرا، وهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرناه في الأحاديث الصحيحة السابقة، وهكذا عملت الصحابة فمن بعدهم، وليس هذا الصعود شرطاً واجباً، بل هو سنة متأكدة) ((المجموع)) (٨/ ٦٩)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٤٠٤).
(٢) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣٣).
(٣) ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٦٨)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ١١٨).
(٤) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٦٩)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٩٣).
(٥) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٨٧) ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (٢/ ٢٣٧).
(٦) رواه مسلم (١٢٩٧).
(٧) قال الجصاص: (فرض الحج مجملٌ في كتاب الله ... وهو مجملٌ مفتقرٌ إلى البيان، فمهما ورد من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو بيانٌ للمراد بالجملة، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا ورد مورد البيان فهو على الوجوب ... ومن جهةٍ أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خذوا عني مناسككم)) وذلك أمرٌ يقتضي إيجاب الاقتداء به في سائر أفعال المناسك) ((أحكام القرآن)) (١/ ١١٩) قال ابن كثير: (قال: ((لتأخذوا مناسككم)) فكل ما فعله في حجته تلك واجبٌ لا بد من فعله في الحج إلا ما خرج بدليل) ((تفسير ابن كثير)) (١/ ٤٧١)، وقال الشنقيطي: (يُعرَف حكم فعل النبي صلى الله عليه وسلم من الوجوب أو غيره بالبيان، فإذا بين أمراً واجباً كالصلاة والحج وقطع السارق بالفعل، فهذا الفعل واجبٌ إجماعاً؛ لوقوعه بياناً لواجب إلا ما أخرجه دليلٌ خاص) ((أضواء البيان)) (٤/ ٣٩٧).
(٨) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (١/ ٣٢١).
(٩) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٧٨)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣٤).
(١٠) ((المدونة)) لسحنون (١/ ٤٢٧)، ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٦٨).
(١١) قال الشافعي: (ولم أعلم مخالفاً أنه إن بدأ بالمروة قبل الصفا، ألغى طوافاً حتى يكون بدؤه بالصفا) ((الأم)) (١/ ٤٥)، وينظر: ((المجموع)) للنووي (٨/ ٦٤) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٩٠).
(١٢) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٨٧)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (٢/ ٢٣٨).
(١٣) قال ابن المنذر: (وهذا قول الحسن، ومالك، والشافعي، والأوزاعي، وأصحاب الرأي ... وعن عطاء روايتان) ((الإشراف)) (٣/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>