للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل السادس: ما لا يشترط في السعي]

المبحث الأول: النية

لا تشترط النية في السعي عند جمهور أهل العلم من الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣).

وذلك للآتي:

أولاً: أنَّ السعي يعتبر جزءاً من عدة أجزاء من عبادةٍ واحدة، والنية في أولها كافيةٌ عن النية في بقية أجزائها؛ لأن الحج عبادةٌ مركبةٌ من هذه الأجزاء، فإذا نوى في أولها أجزأ عن الجميع، كما لو نوى الصلاة من أولها فلا يحتاج في كل ركوعٍ وسجودٍ من الصلاة إلى نيةٍ تخصه (٤).

ثانياً: القياس على الوقوف بعرفة، فإنه لو وقف بها ناسياً أجزأه بالإجماع (٥).

المبحث الثاني: الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر

لا تشترط الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر في السعي بين الصفا والمروة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (٦)، والمالكية (٧)، والشافعية (٨)، والحنابلة (٩)، وهو قول أكثر أهل العلم (١٠).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وقد حاضت: ((افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت)) (١١).

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصنع كل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت خاصة، فدل على أن السعي لا تشترط له الطهارة (١٢).

٢ - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: ((أن عائشة رضي الله عنها حاضت فنسكت المناسك كلها، غير أنها لم تطف بالبيت)) (١٣).

ثانياً: أن السعي عبادةٌ لا تتعلق بالبيت؛ فأشبهت الوقوف بعرفة (١٤).

المبحث الثالث: ستر العورة:

لا يُشترط ستر العورة لصحة السعي، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة: الحنفية (١٥)، والمالكية (١٦)، والشافعية (١٧)، والحنابلة (١٨)؛ وذلك لأنه إذا لم تُشترط الطهارة للسعي مع كونها آكد؛ فغيرها أولى (١٩).


(١) ((المسلك المتقسط)) للقاري (ص: ٩٣)، وقال بعد أن ذكر اشتراط الحنابلة للنية في السعي خلافاً للثلاثة: (ولعلهم أدرجوا نيته في ضمن التزام الإحرام بجميع أفعال المحرم به، فلو مشى من الصفا إلى المروة هارباً أو بائعاً أو متنزهاً أو لم يدر أنه سعى، جاز سعيه، وهذه توسعةٌ عظيمة، كعدم شرط نية الوقوف بعرفة ورمي الجمرات والحلق).
(٢) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (١/ ٢٨٤) وقال الشنقيطي: (وعلى هذا أكثر أهل العلم).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٧).
(٤) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (١/ ٢٨٤). ((الشرح الممتع لابن عثيمين)) (٧/ ٣٣٨).
(٥) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٧) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (١/ ٢٨٤).
(٦) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣٥)، ((الهداية)) للمرغيناني (١/ ١٦٧).
(٧) ((المدونة)) لسحنون (١/ ٤٢٧) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٥٣) ((التاج والإكليل)) للمواق (٣/ ١١٧).
(٨) ((الأم)) للشافعي (٢/ ٢٣١)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ٧٩).
(٩) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ١٧) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٨٧).
(١٠) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أنه إن سعى بين الصفا والمروة على غير طهرٍ أن ذلك يجزئه، وانفرد الحسن، فقال: إن ذكر قبل أن يحل، فليعد الطواف) ((الإجماع)) (ص: ٥٦). وقال النووي: (مذهبنا ومذهب الجمهور أن السعي يصح من المحدث والجنب والحائض) ((المجموع)) (٨/ ٧٩). وقال ابن قدامة: (أكثر أهل العلم يرون أن لا يشترط الطهارة للسعي بين الصفا والمروة، وممن قال ذلك عطاء ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي) ((المغني)) (٣/ ١٩٧). بل نقل ابن عبدالبر الإجماع على ذلك فقال: (إجماع العلماء في السعي بين الصفا والمروة أنه جائزٌ على غير طهارة) ((الاستذكار)) (٤/ ١٧٨).
(١١) رواه البخاري (٣٠٥)، ومسلم (١٢١١).
(١٢) ((منسك الإمام الشنقيطي)) (١/ ٣١٦).
(١٣) رواه البخاري (١٦٥١).
(١٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٩٧).
(١٥) ((المسلك المتقسط)) للقاري (ص: ٩٢).
(١٦) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ١٦٥)، ((منسك الإمام الشنقيطي)) (١/ ٣١٥).
(١٧) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ٣٧٧)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ٧٤)، ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٩١).
(١٨) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٩٧)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ١٧)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٨٧).
(١٩) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>