للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: حكم رمي الجمار]

رمي الجمار واجبٌ في الحج.

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في حديثه الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي)) (١).

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في هذا الحديث وفي أحاديث كثيرة أنه رمى الجمرة، والأصل في أفعاله في الحج الوجوب، لأن أفعاله فيها وقع بياناً لمجمل الكتاب، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((لتأخذوا مناسككم)) (٢) (٣).

١ - عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: ارم ولا حرج)) (٤).

وجه الدلالة:

أنه أمر بالرمي، وظاهر الأمر يقتضي الوجوب (٥).

ثانياً:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((من ترك شيئا من نسكه فليهرق دماً)) (٦) (٧).

ثالثاً: الإجماع:

نقل الإجماع على وجوب الرمي: الكاساني (٨)، والنووي (٩)، وابن تيمية (١٠)، والشنقيطي (١١).


(١) رواه البخاري (١٢١٨)
(٢) رواه مسلم (١٢٩٧)
(٣) قال الشوكاني: (قد صح من قبله صلى الله عليه وسلم على الصفة الثابتة في الأحاديث المشتملة على بيان حجه صلى الله عليه وسلم فكان رميها منسكاً من مناسك الحج لما قدمنا من أن فعله صلى الله عليه وسلم لبيان مجمل الكتاب والسنة ومن جملة ذلك ما في حديث جابر الثابت في الصحيح قال: ((رمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى وأما بعد فإذا زالت الشمس))). ((السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار)) للشوكاني (ص: ٣٢٨)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣٦).
(٤) رواه البخاري (٨٣)، ومسلم (١٣٠٦).
(٥) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣٦).
(٦) رواه مالك (٣/ ٦١٥)، والدارقطني في ((السنن)) (٢/ ٢٤٤)، والبيهقي (٥/ ٣٠) (٩١٩١). قال النووي في ((المجموع)) (٨/ ٩٩): (إسناده صحيح عن ابن عباس موقوفاً عليه لا مرفوعاً)، وصحح إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (١/ ٣١٤)، وقال محمد الأمين الشنقيطي في ((أضواء البيان)) (٥/ ٣٣٠): (صح عن ابن عباس موقوفاً عليه)، وجاء عنه مرفوعاً ولم يثبت، وقال الألباني في ((إرواء الغليل)) (١١٠٠): (ضعيف مرفوعاً وثبت موقوفاً).
(٧) قال الشنقيطي: (فإذا علمت أن الأثر المذكور ثابت بإسناد صحيح، عن ابن عباس، فاعلم أن وجه استدلال الفقهاء به على سائر الدماء التي قالوا بوجوبها غير الدماء الثابتة بالنص، أنه لا يخلو من أحد أمرين. الأول: أن يكون له حكم الرفع، بناء على أنه تعبد، لا مجال للرأي فيه، وعلى هذا فلا إشكال. والثاني: أنه لو فرض أنه مما للرأي فيه مجال، وأنه موقوف ليس له حكم الرفع، فهو فتوى من صحابي جليل لم يعلم لها مخالف من الصحابة، وهم رضي الله عنهم خير أسوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٧٣).
(٨) قال الكاساني: (إن الأمة أجمعت على وجوبه) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣٦)
(٩) قال النووي: (رمي جمرة العقبة واجب بلا خلاف) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٦٢)، ((شرح النووي على مسلم)) (٩/ ٤٢).
(١٠) قال ابن تيمية: (وعليه أيضا رمي الجمار أيام منى باتفاق المسلمين) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (١٧/ ٤٦٠).
(١١) قال الشنقيطي: (إذا عرفتَ أقوالَ أهل العلم في حكم من أخل بشيء من الرمي، حتى فات وقته، فاعلم أن دليلهم في إجماعهم على أن من ترك الرمي كله وجب عليه دم، هو ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من نسي من نسكه شيئا، أو تركه، فليهرق دما، وهذا صح عن ابن عباس موقوفا عليه، وجاء عنه مرفوعا ولم يثبت) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>