للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السابع: زمن الرمي يوم النحر]

يبدأ وقت رمي جمرة العقبة من منتصف ليلة النحر، ويسن أن يكون بعد طلوع الشمس (١)، وهذا مذهب الشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، واختاره ابن باز (٤) (٥).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال)) (٦).

٢ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أَرْسَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأمِّ سلمة ليلة النحر، فرمتْ الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت)) (٧)

وجه الاستدلال: أن هذا لا يكون إلا وقد رمت قبل الفجر بساعة (٨).

٣ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة، أن تدفع قبل حطمة الناس، وكانت امرأة بطيئة، فأذن لها، فدفعت قبل حطمة الناس، وأقمنا حتى أصبحنا نحن، ثم دفعنا بدفعه، فلأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنت سودة، أحب إلي من مفروح به)) (٩).

٤ - عن عبدالله مولى أسماء بنت أبي بكر قال: ((دخلنا مع أسماء من جمع لما غاب القمر، وأتينا منى ورمينا وصلت الصبح في دارها، فقلت يا هنتاه رمينا قبل الفجر، فقالت: هكذا كنا نفعل أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم)) (١٠).

٥ - عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أنه كان يقدِّم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يرجعون قبل أن يقف الامام وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رموا الجمرة وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم)) رواه البخاري ومسلم (١١)

ثانياً: أن النصوص علقت الرمي بما قبل الفجر، وهو تعبير صالح لجميع الليل، فجعل النصف ضابطاً له؛ لأنه أقرب إلى الحقيقة مما قبل النصف (١٢).

ثالثاً: أن ما بعد نصف الليل من توابع النهار المستقبل، فوجب أن يكون حكمه في الرمي حكم النهار المستقبل (١٣).

رابعاً: أنه وقت للدفع من مزدلفة، فكان وقتاً للرمي، كبعد طلوع الشمس (١٤).


(١) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى يوم النحر جمرة العقبة بعد طلوع الشمس) ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٥٨). وقال أيضاً: (أجمعوا على أن من رمى جمرة العقبة يوم النحر بعد طلوع الشمس أجزأه) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٨١). وقال ابن عبدالبر: (أجمع علماء المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما رماها ضحى ذلك اليوم. وأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرم من الجمرات يوم جمرة العقبة وأجمعوا على أن من رماها من طلوع الشمس إلى الزوال يوم النحر فقد أصاب سنتها ووقتها المختار وأجمعوا أن من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها وإن لم يكن ذلك مستحسنا له) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٧/ ٢٦٨). وقال ابن قدامة: (كان رميها بعد طلوع الشمس يجزئ بالإجماع، وكان أولى) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٨٢).
(٢) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٨٠)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) الرملي (٣/ ٣٠٢)
(٣) قال ابن قدامة: (لرمي هذه الجمرة وقتان: وقت فضيلة، ووقت إجزاء، فأما وقت الفضيلة فبعد طلوع الشمس ... وأما وقت الجواز، فأوله نصف الليل من ليلة النحر) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٨١، ٣٨٢)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (١/ ٥٨٤).
(٤) قال ابن باز: (الصحيح أن رمي جمرة العقبة في النصف الأخير من ليلة النحر مجزئ للضعفة وغيرهم، ولكن يشرع للمسلم القوي أن يجتهد حتى يرمي في النهار؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ ((لأنه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس))). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ١٤٣، ١٧/ ٢٩٥، ٢٩٦).
(٥) وهو قول أسماء بنت أبى بكر, وابن أبى مليكة, وعكرمة بن خالد, وعطاء, وابن أبي ليلى. ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٨٢)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٧٢/ ٣١٤).
(٦) رواه مسلم (١٢١٨)
(٧) رواه أبو داود (١٩٤٢)، والدارقطني (٢/ ٢٧٦)، والحاكم (١/ ٦٤١)، والبيهقي (٥/ ١٣٣) (٩٨٤٦). أورده ابن حزم في ((حجة الوداع)) (١٨٤): وهو عنده إسناده متصل صحيح وقال محمد بن عبدالهادي في ((المحرر)) (٢٦٥): رجاله رجال مسلم، وصحح إسناده ابن الملقن في ((البدر المنير)) (٦/ ٢٥٠)، وقال ابن حجر في ((بلوغ المرام)) (٢١٥): (إسناده على شرط مسلم)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (٥/ ١٤٦)، والعظيم آبادي في ((عون المعبود)) (٥/ ٢١٩): رجاله رجال الصحيح ..
(٨) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥/ ٢٣)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (٢٣/ ١٥٦).
(٩) رواه البخاري (١٦٨١)، ومسلم (١٢٩٠)
(١٠) رواه البخاري (١٦٧٩)، ومسلم (١٢٩١)
(١١) رواه البخاري (١٦٧٦)، ومسلم (١٢٩٥)
(١٢) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (٢٣/ ١٥٧).
(١٣) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ١٨٥).
(١٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>