للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث العاشر: النيابة (التوكيل) في الرمي]

المطلب الأول: حكم التوكيل في الرمي للمعذور

من كان لا يستطيع الرمي بعلة لا يرجى زوالها قبل خروج وقت الرمي فإنه يجب عليه أن يستنيب من يرمي عنه، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، وأفتت به اللجنة الدائمة (٤)، واختاره الشنقيطي (٥)،وابن باز (٦)، وابن عثيمين (٧).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: ١٦].

وجه الدلالة:

أن الاستنابة في الرمي، هي غاية ما يقدر عليه (٨).

ثانياً: أنه لما جازت النيابة عنه في أصل الحج فجوازها في أبعاضه أولى (٩).

رابعاً: أن زمن الرمي مضيق ويفوت ولا يشرع قضاؤه، فجاز لهم أن يوكلوا بخلاف الطواف والسعي فإنهما لا يفوتان فلا تشرع النيابة فيهما (١٠).

المطلب الثاني: هل يشترط أن يكون النائب (الوكيل) قد رمى عن نفسه؟

اختلف أهل العلم في اشتراط أن يكون النائب قد رمى عن نفسه على قولين:

القول الأول: يشترط أن يكون النائب قد رمى عن نفسه الجمرات الثلاث، ثم يرمي عن موكله، وهذا مذهب الشافعية (١١)، والحنابلة (١٢)،وهو قول للمالكية (١٣)، وبه أفتت اللجنة الدائمة (١٤).

وذلك للآتي:

١ - أن الأصل عدم تداخل الأعمال البدنية.

٢ - لا يجوز أن ينوب عن الغير وعليه فرض نفسه.


(١) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٦٣)، ((بدائع الصنائع)) (٢/ ١٣٧).
(٢) ((الحاوي الكبير)) الماوردي (٤/ ٢٠٤) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١١٥).
(٣) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤٢٧)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (١/ ٥٩٠).
(٤) في فتاوى اللجنة الدائمة: (تجوز النيابة في رمي الجمار عن العاجز الذي لا يقوى على مباشرة الرمي بنفسه؛ كالصبي والمريض وكبير السن، إذا كان النائب من الحجاج ذلك العام، وقد رمى عن نفسه) ((فتاوى اللجنة الدائمة)) - المجموعة الأولى (١١/ ٧٦).
(٥) قال الشنقيطي: (إذا عجز الحاج عن الرمي، فله أن يستنيب من يرمي عنه، وبه قال كثير من أهل العلم، وهو الظاهر) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٧٣، ٤٧٤).
(٦) قال ابن باز: (يجوز للعاجز عن الرمي لمرض, أو كبر سن, أو حمل, أن يوكل من يرمي عنه؛ لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ *التغابن: ١٦* وهؤلاء لا يستطيعون مزاحمة الناس عند الجمرات, وزمن الرمي يفوت ولا يشرع قضاؤه، فجاز لهم أن يوكلوا بخلاف غيره من المناسك فلا ينبغي للمحرم أن يستنيب من يؤديه عنه ولو كان حجه نافلة؛ لأن من أحرم بالحج أو العمرة - ولو كانا نفلين - لزمه إتمامهما؛ لقول الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ *البقرة: ١٩٦* وزمن الطواف والسعي لا يفوت بخلاف زمن الرمي) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ٨٥، ٨٦، ١٤٦).
(٧) قال ابن عثيمين: (أما من يشق عليه الرمي بنفسه، كالمريض، والكبير، والمرأة الحامل ونحوهم، فإنه يجوز أن يوكل من يرمي عنه سواء كان حجه فرضاً أم نفلاً، وسواء لقط الحصى وأعطاها الوكيل، أو لقطها الوكيل بنفسه، فكل ذلك جائز) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٤/ ٤٠٧).
(٨) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٧٤).
(٩) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ٢٠٤)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ٢٤٥).
(١٠) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٢٤٣)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ٨٥، ٨٦، ١٤٦).
(١١) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١١٥)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) للرملي (٣/ ٣١٥).
(١٢) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٤٢)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٣٨١).
(١٣) ((التاج والإكليل)) للمواق (٢/ ٤٨٤)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ٥٢).
(١٤) ((فتاوى اللجنة الدائمة)) - المجموعة الأولى (١١/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>