للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثالث: الحلق والتقصير]

المبحث الأول: حكم الحلق والتقصير:

حلق شعر الرأس أو تقصيره واجبٌ من واجبات الحج والعمرة، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والحنابلة (٣).

الأدلة:

أولا: من الكتاب:

قوله تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: ٢٧].

وجه الدلالة:

أنَّ الله تعالى جعل الحلق والتقصير وصفاً للحج والعمرة، والقاعدة أنه إذا عبر بجزءٍ من العبادة عن العبادة، كان دليلاً على وجوبه فيها (٤).

ثانياً: من السنة:

١ - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمراً، فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية)). أخرجه البخاري (٥).

٢ - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع)) أخرجه البخاري ومسلم (٦)، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((لتأخذوا مناسككم)) (٧)، مع كون فعله وقع بياناً لمجمل الكتاب.

المبحث الثاني: القدر الواجب حلقه أو تقصيره

الواجب حلق جميع الرأس (٨)، أو تقصيره كله، وهذا مذهب المالكية (٩)، والحنابلة (١٠)، واختاره ابن عبدالبر (١١)، وابن باز (١٢)، وابن عثيمين (١٣) وبه أفتت اللجنة الدائمة (١٤).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

عموم قوله تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: ٢٧].

وجه الدلالة:

أنه عامٌّ في جميع شعر الرأس، فالرأس اسمٌ لجميعه (١٥).

ثانياً: من السنة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع (١٦).

وجه الدلالة:

أنه عامٌّ في جميع شعر الرأس؛ لأن الرأس اسمٌ لجميعه؛ فوجب الرجوع إليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم ((لتأخذوا مناسككم)) (١٧)، والأصل في الأمر الوجوب.

المبحث الثالث: الأفضل في حلق الرأس


(١) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٤٠)، ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٦٨).
(٢) ((حاشية العدوي)) (١/ ٦٨٣)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (٢/ ٨١٩).
(٣) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٥٢١)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٣٩٦).
(٤) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٣٩٦).
(٥) رواه البخاري (٤٢٥٢).
(٦) رواه البخاري (٤٤١٠)، ومسلم (١٣٠٤).
(٧) رواه مسلم (١٢٩٧).
(٨) الحلق يكون بالموسى، ولا يكون بالماكينة، حتى ولو كانت على أدنى درجة؛ فإن ذلك لا يعتبر حلقاً، وإنما يكون تقصيراً. ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٣٢٨).
(٩) ((حاشية العدوي)) (١/ ٦٨٣،٦٨٩).
(١٠) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٢٩)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٥٠٢).
(١١) قال ابن عبدالبر: (ويجب حلاق جميع الرأس أو تقصير جميعه) ((التمهيد)) (١٥/ ٢٣٨).
(١٢) قال ابن باز: (ولا يكفي أخذ بعض الرأس، بل لا بد من تقصيره كله كالحلق) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٦/ ١٤٧).
(١٣) قال ابن عثيمين: (الصواب ما ذكره المؤلف، وهو أنه لا بد أن يقصر من جميع شعره) ((الشرح الممتع)) (٧/ ٣٢٨ - ٣٢٩).
(١٤) نص فتوى اللجنة الدائمة: (الواجب تعميم الرأس كله بالحلق أو التقصير في حج أو عمرة) ((فتاوى اللجنة الدائمة)) - المجموعة الأولى (١١/ ٢١٨).
(١٥) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٤١).
(١٦) رواه البخاري (٤٤١٠) ومسلم (١٣٠٤).
(١٧) رواه مسلم (١٢٩٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>