للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت)) (١).

فرع:

يغتفر له أن يشتغل بعد طواف الوداع بأسباب السفر، كشراء الزاد، وحمل الأمتعة أو انتظار رفقة ونحو ذلك ولا يعيده، وهذا مذهب الجمهور من المالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)، واختاره ابن باز (٥) وابن عثيمين (٦).

الأدلة:

أولاً: من السنة

عن أم سلمة، قالت: ((شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ بالطور وكتاب مسطور)) (٧).

وجه الدلالة:

أنه عليه الصلاة والسلام صلى الفجر، وكان قد طاف للوداع قبل ذلك، ولم يكن ذلك مبطلاً لوداعه، فدل أن ما كان مثل ذلك لا يقطع طواف الوداع. (٨).

ثانياً: أن ما كان مثل ذلك ليس بإقامة حتى يقطع طواف الوداع (٩).

المبحث الرابع: هل يجزئ طواف الإفاضة عن طواف الوداع، إذا كان عند الخروج؟

يجزئ طواف الإفاضة عن طواف الوداع، إذا جعله الإنسان عند خروجه، وهذا مذهب المالكية (١٠)، والحنابلة (١١)، وحكاه ابن رشد عن جمهور الفقهاء (١٢)، واختاره ابن باز (١٣) وابن عثيمين (١٤).

وذلك للآتي:

أولاً: أن طواف الوداع ليس مقصوداً لذاته بل ليكون آخر عهده من البيت الطواف، وقد حصل بطواف الإفاضة، فيكون مجزئاً عن طواف الوداع (١٥).

ثانياً: أن ما شرع لتحية المسجد أجزأ عنه الواجب من جنسه، كتحية المسجد بركعتين تجزئ عنهما المكتوبة (١٦).


(١) رواه مسلم (١٣٢٧)
(٢) ((المدونة الكبرى)) لسحنون (١/ ٤٩٢) ((مواهب الجليل)) لحطاب الرعيني (٤/ ١٩٧).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٢٥٣) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١١٧).
(٤) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٤٨٦) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٥١٢)
(٥) قال ابن باز: (من طاف للوداع واحتاج شراء شيء ولو لتجارة جاز، ما دامت المدة قصيرة، فإن طالت المدة عرفا أعاد الطواف) ((مجموع فتاوى بن باز)) (١٦/ ١٥١)
(٦) قال ابن عثيمين: (ويجعل طواف الوداع آخر عهده بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر، فإن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة، أو تحميل رحله، أو اشترى حاجة في طريقه فلا حرج عليه، ولا يعيد الطواف) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (٢٤/ ٣٨٧).
(٧) رواه البخاري (٤٦٤)، ومسلم (١٢٧٦)
(٨) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٣٦٥).
(٩) ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (٣/ ١٨١).
(١٠) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٨٣)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ٥٣).
(١١) بشرط أن ينوي طواف الإفاضة. ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٣٨)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (١/ ٥٩٢).
(١٢) قال ابن رشد: (جمهور العلماء على أن طواف الوداع يجزئ عن طواف الإفاضة، إن لم يكن طاف طواف الإفاضة) ((بداية المجتهد)) (١/ ٣٤٣).
(١٣) قال ابن باز في جوابه عن حكم جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع: (لا حرج في ذلك، لو أن إنساناً أخر طواف الإفاضة، فلما عزم على السفر طاف عند سفره بعدما رمى الجمار وانتهى من كل شيء، فإن طواف الإفاضة يجزئه عن طواف الوداع) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٧/ ٣٣٢).
(١٤) قال ابن عثيمين: (وطواف الإفاضة مجزئ عن طواف الوداع، إذا جعله الإنسان عند خروجه) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (٢٢/ ٤٣٨).
(١٥) ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ٥٣)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٣٦٩، ٣٧٠).
(١٦) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤٠٤)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>