للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل السادس: من شروط الذكاة]

المبحث الأول: التسمية

اختلف أهل العلم في اشتراط التسمية في الذكاة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن التسمية شرط، لا تحل الذكاة بدونه، عمدا كان أو نسياناً، وهذا مذهب الظاهرية (١)،، وهو رواية عن أحمد (٢)، وبه قال طائفة من السلف (٣)، واختاره ابن تيمية (٤)، وابن عثيمين (٥)

الأدلة:

أولاً من الكتاب:

قال الله تعاالى: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ [الأنعام: ١٢١].

وجه الدلالة:

أن النهي يقتضي التحريم لاسيما مع وصف الفسق؛ فإن الذي يسمى فسقا في الشرع لابد أن يكون حراما.

ثانياً: من السنة:

عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكل)) (٦).

وجه الدلالة:

أنه علق الحل فيه بشرطين: بإنهار الدم، وذكر اسم الله على المذكى.

عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما صدتَ من كلبك المعلم فذكرتَ اسم الله عليه فكل)) (٧).

وجه الدلالة:

أنه وقف الإذن بالأكل على التسمية.

عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه، فكل)) (٨).

ثالثاً: أنا أمرنا بالتسمية عند الذبح مخالفة للمشركين؛ لأنهم كانوا يسمون آلهتهم عند الذبح، ومخالفتهم واجبة علينا، فالتسمية عند الذبح تكون واجبة أيضا (٩).

القول الثاني: أنها واجبة مع الذكر وتسقط بالنسيان، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية (١٠)، والمالكية (١١)، والحنابلة (١٢)، واختارته اللجنة الدائمة (١٣).

الأدلة:

أولاً: أدلة الوجوب:

سبق في أدلة القول السابق.

ثانياً: أدلة سقوط الوجوب بالنسيان:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: ((ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه وإنه لفسق)).

وجه الدلاالة:

أن الناسي لا يسمى فاسقاً.

٢ - قوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: ٢٨٦].


(١) ((المحلى)) (٧/ ٤١٢ رقم ١٠٠٣)، ((بداية المجتهد)) (١/ ٤٤٨)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ٤١١).
(٢) ((الإنصاف)) (١٠/ ٣٠٢).
(٣) منهم: ابن عمر والشعبي وابن سيرين. ((بداية المجتهد)) (١/ ٤٤٨).
(٤) قال ابن تيمية: هذا أظهر الأقوال فإن الكتاب والسنة قد علق الحل بذكر اسم الله في غير موضع كقوله: فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ *المائدة: ٤*، وقوله: فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ *الأنعام: ١١٨*، وقوله: وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ *الأنعام: ١١٩*، وقوله: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ *الأنعام: ١٢١*، وفي الصحيحين أنه قال: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا)). ((مجموع الفتاوى)) (٣٥/ ٢٣٩).
(٥) قال ابن عثيمين: (الحاصل أنك كلما تأملت هذه المسألة وجدت أن الصواب ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، وأن التسمية لا تسقط لا سهوا، ولا جهلا، كما لا تسقط عمدا). ((الشرح الممتع)) (١٥/ ٨٦).
(٦) رواه البخاري (٣٠٧٥)، ومسلم (١٩٦٨)
(٧) رواه البخاري (٥٤٧٨)، ومسلم (١٩٣٠).
(٨) رواه البخاري (١٧٥)، ومسلم (١٩٢٩).
(٩) ((المبسوط)) للسرخسي (١١/ ٢٠٢).
(١٠) ((المبسوط)) للسرخسي (١١/ ٢٠٢).
(١١) ((الاستذكار)) (٥/ ٢٥٠)، ((بداية المجتهد)) (١/ ٤٤٨).
(١٢) ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٣٨٩)، ((الإنصاف)) (١٠/ ٣٠٢).
(١٣) ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (٢٢/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>