للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: أنَّ القاتل انفرد بقتله باختياره، مع انفصال الدال عنه، فصار كمن دل محرماً أو صائماً على امرأة فوطئها، فإنه يأثم بالدلالة، ولا تلزمه كفارة، ولا يفطر بذلك (١).

الفرع الثاني: إذا دلَّ المحرمُ محرماً على صيدٍ فقتله:

اختلف الفقهاء فيما إذا دلَّ المحرمُ محرماً على صيدٍ فقتله، على ثلاثة أقوال:

القول الأول: إذا دلَّ المحرم محرماً على صيدٍ فقتله، فعلى كل واحدٍ منهما جزاءٌ كامل، وهو مذهب الحنفية (٢)، وقول طائفةٍ من السلف (٣)؛ وذلك لأنَّ الدلالة من محظورات الإحرام، فتوجب ما يوجبه القتل.

القول الثاني: إذا دلَّ المحرم محرماً على صيدٍ فقتله، فالجزاء بينهما، وهو مذهب الحنابلة (٤)، وهو قول بعض السلف (٥)، واختاره ابن تيمية (٦)؛ وذلك لأن الواجب جزاء المتلف، وهو واحد؛ فيكون الجزاء واحداً (٧).

القول الثالث: إذا دلَّ المحرمُ محرماً على صيد فقتله فالدال مسيء ولا جزاء عليه، وهو قول المالكية (٨)، والشافعية (٩)، واختاره الشنقيطي (١٠).

الدليل:

ظاهر قوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: ٩٥].

وجه الدلالة:

أوجب الجزاء على القاتل وحده، فلا يجب على غيره، ولا يُلحَق به غيره؛ لأنه ليس في معناه (١١).


(١) ((فتح الباري)) لابن حجر (٤/ ٢٩).
(٢) ((الفتاوى الهندية)) (١/ ٢٥٠).
(٣) قال ابن قدامة: (وبه قال الشعبي، وسعيد بن جبير، والحارث العكلي) ((المغني)) (٣/ ٢٨٩).
(٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٨٩)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (١/ ٥٤٣).
(٥) قال ابن قدامة: (وبه قال عطاء، وحماد بن أبي سليمان) ((المغني)) (٣/ ٢٨٩).
(٦) قال ابن تيمية: (وإذا أعان على قتله بدلالةٍ أو إشارةٍ أو إعارة آلةٍ ونحو ذلك، فهو كما لو شرك في قتله، فإن كان المعان حلالاً، فالجزاء جميعه على المحرم، وإن كان حراماً اشتركا فيه) ((شرح عمدة الفقه)) (٣/ ١٨٢).
(٧) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٢٨٩).
(٨) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٢٥٨)، ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ٧٧).
(٩) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٣٣٠).
(١٠) قال الشنقيطي: (وأما إذا دلَّ المحرم محرماً آخر على الصيد ... قال بعض العلماء الجزاء كله على المحرم المباشر، وليس على المحرم الدال شيء، وهذا قول الشافعي، ومالك، وهو الجاري على قاعدة تقديم المباشر على المتسبب في الضمان، والمباشر هنا يمكن تضمينه; لأنه محرم، وهذا هو الأظهر) ((أضواء البيان)) (١/ ٤٤١).
(١١) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>