للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: الفرق التي أشركت بالربوبية (١)

١ - المجوس: (الأصلية) قالوا بالأصلين: النور والظلمة، وقالوا: إن النور أزلي، والظلمة محدثة.

٢ - الثنوية: (أصحاب الاثنين الأزليين): الذين يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان، بخلاف المجوس الذين قالوا بحدوث الظلام، لكن قالوا باختلافهما في الجوهر، والطبع، والفعل، والخبر، والمكان، والأجناس، والأبدان، والأرواح، ولم يقولوا بتماثلهما في الصفات والأفعال، كما ترى، وإن قالوا بتساويهما في القدم.

٣ - المانوية: (أصحاب ماني بن فاتك): قالوا: إن العالم مصنوع من أصلين قديمين، ولكن قالوا باختلافهما في النفس، والصورة، والفعل، التدبير.

٤ - النصارى: (القائلون بالتثليث): فالنصارى لم يثبتوا للعالم ثلاثة أرباب ينفصل بعضها عن بعض، بل هم متفقون على أنه صانع واحد يقولون: باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد، ويقولون: واحد بالذات ثلاثة بالأقنوم. أما الأقانيم فإنهم عجزوا عن تفسيرها.

وقولهم هذا متناقض أيما تناقض, وتصوره كاف في رده، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولهذا قال طائفة من العقلاء: إن عامة مقالات الناس يمكن تصورها إلا مقالة النصارى, وذلك أن الذين وضعوها لم يتصوروا ما قالوا، بل تكلموا بجهل، وجمعوا في كلامهم بين النقيضين, ولهذا قال بعضهم: لو اجتمع عشرة نصارى لتفرقوا عن أحد عشر قولاً.

وقال آخر: لو سألت بعض النصارى وامرأته وابنه عن توحيدهم لقال الرجل قولاً، وامرأته قولاً آخر، وابنه قولاً ثالثاً) (٢).

وقال ابن القيم رحمه الله في معرض رده عليهم: (أما خبر ما عندكم أنتم فلا نعلم أمة أشد اختلافاً في معبودها منكم؛ فلو سألت الرجل، وامرأته، وابنته، وأمه، وأباه، عن دينهم لأجابك كل منهم بغير جواب الآخر) (٣).

بل قيل فيهم: (لو توجهت إلى أي نصراني على وجه الأرض، وطلبت منه أن يصور لك حقيقة دينه، وما يعتقده في طبيعة المسيح تصويراً دقيقاً – لما استطاع ذلك) (٤).

هذا وقد بين الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه (إظهار الحق) ما عندهم من التناقض، وكذلك الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (محاضرات في النصرانية).

٥ - القدرية: هم في الحقيقة مشركون في الربوبية، وهذا لازم لمذهبهم؛ لأنهم يرون أن الإنسان خالق لفعله، فهم أثبتوا لكل أحد من الناس خلق فعله.

والخلق إنما هو مما اختص الله به، قال تعالى: وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصَّافَّات: ٩٦].

وأفعال العباد لا يخرجها شيء من عموم خلقه –عز وجل- (٥).

٦ - الفلاسفة الدهرية: في قولهم في حركة الأفلاك بأنها تسعة، وأن التاسع منها وهو الأطلس يحرك الأفلاك كلها، فجعلوه مبدأ الحوادث، وزعموا أن الله يحدث ما يقدره في الأرض.

٧ - عبدة الأصنام من مشركي العرب وغيرهم: ممن كانوا يعتقدون أن الأصنام تضر وتنفع، فيتقربون إليها، وينذرون لها، ويتبركون بها.

٨ - غلاة الصوفية: لغلوهم في الأولياء، وزعمهم أنهم يضرون، وينفعون، ويتصرفون في الأكوان، ويعلمون الغيب، ولقولهم بوحدة الوجود، وربوبية كل شيء (٦).


(١) انظر: ((شرح العقيدة الطحاوية)) لابن أبي العز الحنفي، تحقيق الشيخ أحمد شاكر، (ص: ٢٤ - ٢٦).
(٢) ((الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)) لابن تيمية (٢/ ١٥٥).
(٣) ((هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى)) لابن القيم، (ص: ٣٢١).
(٤) ((ما يجب أن يعرفه المسلم عن حقائق النصرانية والتبشير)) لإبراهيم الجيهان (ص: ١٣).
(٥) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (٨/ ٢٥٨)، و ((الإيمان بالقضاء والقدر)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص: ١٧٣ - ١٧٤) ,
(٦) انظر: ((هذه هي الصوفية)) لعبد الرحمن الوكيل، (ص: ٣٥ - ٣٨ و ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>