للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نماذج من تبرك الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياته:]

..... نماذج مما نقل إلينا نقلاً صحيحاً من الأخبار والآثار عن تبرك جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أثناء حياته، بذاته الكريمة، أو بآثاره الشريفة صلى الله عليه وسلم، على النحو التالي:

أ- تبرك الصحابة رضي الله عنهم بأعضاء جسده صلى الله عليه وسلم.

مما يدل على بركة أعضاء جسده الشريف صلى الله عليه وسلم ما روته عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات، وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها)) (١).

ومما ورد عن تبرك الصحابة رضي الله تعالى عنهم بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها، فربما جاءوه في الغداة الباردة، فيغمس يده فيها)) (٢).

وما ثبت عن أبي جحيفة رضي الله عنه أنه قال: ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين)) وفيه ((وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم)) قال: ((فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك)) (٣).

وكان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على تقبيل يده صلى الله عليه وسلم.

كما أنهم أيضاً يحرصون على مس أي موضع من جسده صلى الله عليه وسلم وتقبيله كلما أمكن ذلك للتبرك وغيره.

ومن هذا ما روى أبو داود في سننه أن أسيد بن حضير رضي الله عنه بينما هو يحث القوم – وكان فيه مزاح – طعنه النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود، فقال: أصبرني، قال: ((اصطبر)) قال: إن عليك قميصاً وليس علي قميص، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم عن قميصه فاحتضنه، وأخذ يقبل كشحه، قال: ((إنما أردت هذا يا رسول الله)) (٤).

ب- تبركهم بما انفصل منه صلى الله عليه وسلم:

١ - التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم.

ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بشعر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قد أقرهم على ذلك، بل إنه صلى الله عليه وسلم وزعه عليهم.

ففي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق (خذ) وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس)) (٥).

وفي رواية: ((فبدأ بالشق الأيمن، فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس، ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك، ثم قال: هاهنا أبو طلحة فدفعه إلى أبي طلحة)) (٦).

قال النووي رحمه الله تعالى: (من فوائد الحديث التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم، وجواز اقتنائه للتبرك) (٧).

وكان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على اقتناء شعره الشريف عليه الصلاة والسلام.

ففي صحيح مسلم أيضاً عن أنس رضي الله عنه قال: ((لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه، وأطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل)) (٨).


(١) رواه البخاري (٥٠١٦)، ومسلم (٢١٩٢).
(٢) رواه البخاري (٥٠١٦)، ومسلم (٢١٩٢).
(٣) رواه البخاري (٣٥٥٣).
(٤) رواه أبو داود (٥٢٢٤) والطبراني في ((الكبير)) (١/ ٢٠٥) (٥٥٦) والحديث سكت عنه أبو داود [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (٥٢٢٤): إسناده صحيح.
(٥) رواه مسلم (١٣٠٥).
(٦) رواه مسلم (١٣٠٥).
(٧) ((شرح النووي لصحيح مسلم)) (٩/ ٥٤).
(٨) رواه مسلم (٢٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>