للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني: واجب المؤمنين تجاه الملائكة]

الملائكة عباد الله اختارهم واصطفاهم، ولهم مكانة عند ربهم، والمؤمن الذي يعبد الله، ويتبع رضوانه لا مناص له من أن يتولى الملائكة بالحب والتوقير، ويتجنب كل ما من شأنه أن يسيء إليهم ويؤذيهم، وفي المبحث التالي نتناول شيئاً من ذلك بالبيان والتوضيح.

- البعد عن الذنوب والمعاصي:

أعظم ما يؤذي الملائكة الذنوب, والمعاصي, والكفر, والشرك، ولذا فإن أعظم ما يُهْدَى للملائكة ويرضيهم أن يخلص المرء دينه لربه، ويتجنب كل ما يغضبه. ولذا فإنَّ الملائكة لا تدخل الأماكن والبيوت التي يعصى فيها الله تعالى، أو التي يوجد فها ما يكرهه الله يبغضه، كالأنصاب, والتماثيل, والصور، ولا تقرب من تلبس بمعصية كالسكران.

قال ابن كثير (١): (ثبت في الحديث المروي في الصحاح والمسانيد والسنن من حديث جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يدخل الملائكة بيتاً فيه صورة, ولا كلب, ولا جُنب)) (٢).

وفي رواية عن عاصم بن ضمرة عن علي: ((ولا بول)) (٣)، وفي رواية رافع عن أبي سعيد مرفوعاً: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو تمثال)) (٤)، وفي رواية ذكوان أبي صالح السماك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصحب الملائكة رفقة معهم كلب أو جرس)) (٥)).

وروى البزار بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث لا تقربهم الملائكة: السكران، والمتضمخ بالزعفران، والجنب)) (٦).

وفي سنن أبي داود بإسناد حسن، عن عمار بن ياسر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر، والمتضمخ بالخلوق، والجنب إلا أن يتوضأ)) (٧).

- الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم:

ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فهم يتأذون من الرائحة الكريهة، والأقذار, والأوساخ.

روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((من أكل الثوم, والبصل, والكراث، فلا يقربنّ مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)) (٨).

وقد بلغ الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم أن أمر بالذي جاء إلى المسجد - ورائحة الثوم أو البصل تنبعث منه - أن يخرج إلى البقيع: - وهذا ثابت في صحيح مسلم (٩).

- النهي عن البصاق عن اليمين في الصلاة:


(١) ((البداية والنهاية)) (١/ ٥٥).
(٢) رواه أبو داود (٢٢٧)، والنسائى (٧/ ١٨٥)، وابن حبان (٤/ ٥)، (١٢٠٥)، والحاكم (١/ ٢٧٨). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: صحيح، وقال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (١/ ٤٦): ثابت، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (١/ ٢٤٢) كما قال ذلك في المقدمة.
(٣) رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (١/ ١٤٦) (١٢٤٦). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١/ ٢٩١): فيه عمرو بن خالد وقد أجمعوا على ضعفه.
(٤) رواه الترمذي (٢٨٠٥)، وأحمد (٣/ ٩٠، رقم ١١٨٧٦)، ومالك (٢/ ٩٦٥، رقم ١٧٣٤)، وابن حبان (١٣/ ١٦٠، رقم ٥٨٤٩). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٥) رواه مسلم (٢١١٣).
(٦) رواه البزار كما في ((مجمع الزوائد)) (٥/ ١٥٩) للهيثمي، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٥/ ٢٥٢) (٥٢٣٣). قال الهيثمي: رواه البزار وفيه عبد الله بن حكيم ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٣٠٦٠).
(٧) رواه أبو داود (٤١٨٠)، والبيهقي (٥/ ٣٦) (٨٧٥٦). والحديث سكت عنه أبو داود، [وأورده الألباني في ((صحيح سنن أبي داود))].
(٨) رواه البخاري (٨٥٥)، ومسلم (٥٦٤) واللفظ له.
(٩) رواه مسلم (٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>