للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب السابع: إجابة دعوته]

اهتداء أم أبي هريرة بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي هريرة قال: كنت أدعو أميَّ إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوماً، فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى عليَّ، فدعوتها اليوم، فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال: ((اللهمَّ اهد أم أبي هريرة " فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما جئت، فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف مردود فسمعَتْ أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعتُ خضخضة تحريك الماء، قال: فاغتسلَتْ، ولبسَتْ درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فرجعت إلى رسول الله فأتيته، وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله، أبشر، قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال خيراً)) (١).

أصبح بدعوته فارساً:

عن جرير بن عبد الله، قال: ((قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تُريحني من ذي الخلَصةِ؟ فقلت: بلى. فانطلقتُ في خمسين ومائة فارسٍ من أحمسَ، وكانوا أصحابَ خيل وكنتُ لا أثبُتُ على الخيل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضرب يده على صدري حتى رأيت أثر يده في صدري، وقال: اللهم ثبته، واجعلهُ هادياً مهدياً. قال: فما وقعتُ عن فرس بعدُ. قال: وكان ذو الخلَصة بيتاً باليمن لخَثْعَم وبجيلة فيه نُصُبٌ تُعبَد، يقال له: الكعبة. قال: فأتاها فحرَّقها بالنار وكسرها)) (٢).

إغاثة الله الناس بدعائه:

وعن أنس بن مالك قال: ((أصابت الناس سنةٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطبُ في يوم الجمعة، قام أعرابيٌ فقالَ: يا رسول الله هَلَكَ المالُ، وجاعَ العيالُ، فادعُ الله لنا. فرفعَ يديه، وما نرى في السماء قَزَعةً، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثارَ السحابُ أمثالَ الجبالِ، ثم لم ينزلْ عن منبره حتى رأيتُ المطرَ يتحادرُ على لحيته، فمُطِرنا يومنا ذلك، ومن الغدِ، والذي يليه حتى الجمعةِ الأخرى، وقام ذلك الأعرابي – أو قال غيره – فقال: يا رسول الله تهدَّمَ البناء وغرقَ المالُ، فادعُ الله لنا. فرفعَ يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا " فما يُشيرُ بيده إلى ناحيةٍ من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينةُ مثلَ الجوبة، وسال الوادي قناةُ شهراً، ولم يجئ أحدٌ من ناحيةٍ إلا حدّث بالجود)) (٣).

وفي رواية قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام، والجبال، والآجام، والظراب، والأودية ومنابت الشجر قال: فأقلعَتْ وخرجنا نمشي في الشمس)) (٤).

أصابت الدعوة يد مستكبر:

وعن سلمة بن الأكوع ((أنَّ رجلاً أكل عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال: كُل بيمينك قال: لا أستطيع. قال: لا استطعت ما مَنَعَه إلا الكبرُ. قال: فما رفعها إلى فيه)) (٥).

د- بركة دعوة الرسول الله صلى الله عليه وسلم تصيب بعير جابر: وعن جابر قال: ((غزوتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاحق بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على ناضحٍ لنا قد أعيا، فلا يكادُ يسيرُ فقال لي: ما لبعيرك؟ قال: قلت: عيي، قال: فتخلف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فزجره ودعا له، فما زال بين يدي الإبلِ قدّامها يسيرُ. فقال لي: كيف ترى بعيرك؟ قلت: بخير، قد أصابته بركتُك. قال: أَفتبيعُنيه؟ قال: فاستحييت، ولم يكن لنا ناضحٌ غيره، قال: فقلت: نعم، قال: فبعنيه فبعته إياه على أن لي فقار ظهره إلى المدينة،. . قال: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، غدوت عليه بالبعير، فأعطاني ثمنه وردَّه عليَّ)) (٦). الرسل والرسالات لعمر الأشقر - ص ١٤٢


(١) رواه مسلم (٤٤٩١).
(٢) رواه البخاري (٤٣٥٦). ومسلم (٢٤٧٦).
(٣) رواه البخاري (٩٣٣) واللفظ له، ومسلم (٨٩٧).
(٤) رواه البخاري (١٠١٣).
(٥) رواه مسلم (٢٠٢١).
(٦) رواه البخاري (٢٩٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>