للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول: من أسباب عذاب القبر عدم الاستتار من البول، والنميمة]

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أمّا أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله، ثم قال: ثم أخذ عوداً رطباً فكسره باثنتين، ثم غرز كل واحد منهما على قبر، ثم قال: لعله يخفف عنهما، ما لم ييبسا)) (١).

وروى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((دخلت عليَّ امرأة من اليهود، فقالت: إن عذاب القبر من البول، فقلت: كذبت، فقالت: بلى، إنا لنقرض منه الجلد والثوب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، وقد ارتفعت أصواتنا، فقال: ما هذا؟ فأخبرته بما قالت فقال: صدقت. قالت: فما صلى بعد يومئذ إلا قال دبر كل صلاة: ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أعذني من حرّ النار وعذاب القبر)) (٢).

وهذا الذي أشار إليه الحديث من أن بني إسرائيل كانوا يقرضون من البول الجلد والثوب – هو من الدين الذي شرعه الله لهم، ولذلك لما نهاهم عن فعل ذلك أحدهم عذب في قبره بسبب نهيه، ففي حديث عبد الرحمن بن حسنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل، كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم، فنهاهم عن ذلك، فعذب في قبره)) (٣).

وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن عامة عذاب القبر من البول، فقد روى أنس رضي الله عنه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه)) (٤)، ورواه ابن عباس بلفظ: ((عامة عذاب القبر من البول، فتنزهوا منه)) (٥) ورواه أبو هريرة بلفظ: ((أكثر عذاب القبر من البول)) (٦). القيامة الصغرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص ٥٧


(١) رواه البخاري (٢١٨)، ومسلم (٢٩٢).
(٢) رواه النسائي (٣/ ٧٢). وضعف إسناده الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(٣) رواه أبو داود (٢٢)، والنسائي (١/ ٢٦)، وابن ماجه (٢٨١)، وأحمد (٤/ ١٩٦) (١٧٧٩٣)، وابن حبان (٧/ ٣٩٧) (٣١٢٧)، والحاكم (١/ ٢٩٤). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ومن شرط الشيخين، وصححه النووي في ((الخلاصة)) (١/ ١٥٨)، والعيني في ((عمدة القاري)) (٨/ ٢١١).
(٤) رواه الدارقطني (١/ ٣١١). وقال: المحفوظ مرسل، وقال الذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (١/ ١٢٩): إسناده وسط، وحسن إسناده ابن الملقن في ((تحفة المحتاج)) (١/ ٢١٧)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (١/ ٥٧).
(٥) رواه عبد بن حميد (ص: ٢١٥)، والبزار (١١/ ١٧٠)، والطبراني (١١/ ٧٩) (١١١٠٤)، والدارقطني (١/ ٣١٥)، والحاكم (١/ ٢٩٣). قال البزار: روي من غير وجه بألفاظ مختلفة، وصححه الطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (١٣/ ١٨٩)، وقال الدارقطني: لا بأس به.
(٦) رواه ابن ماجه (٢٨٣)، وأحمد (٢/ ٣٨٩) (٩٠٤٧)، والدارقطني (١/ ٣١٤)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (١/ ١١٤). قال الدارقطني: صحيح، وقال المنذري: صحيح على شرط الشيخين، وقال البوصيري في ((زوائد ابن ماجه)) (١/ ٦٠): هذا إسناد صحيح رجاله عن آخرهم محتج بهم في الصحيحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>