للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: صفته في القرآن الكريم]

أما ما جاء في صفته من القرآن الكريم: فهو ما تتحدث عنه الآيات الآتية:

قال الله تعالى في وصف خوف وامتلاء الخلائق بالغم، ووقوف قلوبهم في حناجرهم:

١ - وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: ١٨].

قال قتادة: (وقفت القلوب في الحناجر من الخوف؛ فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها)، وكذا قال عكرمة, والسدي, وغير واحد (١).

٢ - وقال تعالى مبيناً حال الكفار وما يصيبهم من الفزع الشديد لهول ما يرون وذلتهم وفراغ قلوبهم عن كل شيء: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [إبراهيم: ٤٢ - ٤٣].

(يقول تعالى ذكره: إنما يؤخر ربك يا محمد هؤلاء الظالمين – الذين يكذبونك, ويجحدون نبوتك – ليوم تشخص فيه أبصار الخلق، وذلك يوم القيامة) (٢).

وقال تعالى في بيان حال المؤمنين والكافرين، وما امتاز به كل فريق من علامات الشقاء أو السعادة:

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [آل عمران: ١٠٦ - ١٠٧].

فقد جعل الله جميع أهل الآخرة فريقين:

(أحدهما: سوداء وجوهه، والآخر: بيضاء وجوهه) (٣).

وقال تعالى: وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية: ٢٨].

(قال الليث: الجثو: الجلوس على الركب كما يجثى بين يدي الحاكم).

وقال ابن عباس: (جاثية: مجتمعة مرتقبة لما يعمل بها، وإِلَى كِتَابِهَا أي إلى صحائف أعمالها) (٤).

وقال ابن كثير: (جاثية: أي على ركبها من الشدة والعظمة، ويقال إن هذا إذا جيء بجهنم، فإنها تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه) (٥).

وقال تعالى: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً [المزمل: ١٨].

يقول تعالى: كيف تقون أنفسكم إن كفرتم، أي إن بقيتم على كفركم، يَوْمًا: أي عذاب يوم يجعل الولدان شيباً، لشدة هوله، أي يصير الولدان شيوخاً، والشيب: جمع أشيب، وهذا يجوز أن يكون حقيقة وأنهم يصيرون كذلك، أو تمثيلاً، لأن من شاهد الهول العظيم تقاصرت, قواه وضعفت أعضاؤه, وصار كالشيخ في الضعف وسقوط القوة السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ أي متشققة به لشدته وعظيم هوله) (٦).


(١) ((تفسير ابن كثير)) (٤/ ٧٥).
(٢) ((تفسير الطبري)) (١٣/ ٢٣٦).
(٣) ((تفسير الطبري)) (٤/ ٤٠).
(٤) ((تفسير الرازي)) (٢٧/ ٢٧٢).
(٥) ((تفسير ابن كثير)) (٤/ ١٥١).
(٦) ((فتح القدير)) (٥/ ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>