للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الأدلة من السنة]

من تلك الأدلة ما أخرج مسلم عن جرير بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أما إنكم تعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر)) (١).

وأخرج الترمذي في جامعه، في باب ما جاء في العرض، وابن ماجه والإمام أحمد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وأما العرض الثالثة: فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله)). (٢)

وقد أخرج بن جرير هذا الحديث عن مجاهد بن موسى قال: ثنا يزيد قال: ثنا سليمان بن حيان عن مروان الأصفر عن أبي وائل عن عبد الله قال: (يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، عرضتان معاذير وخصومات، والعرضة الثالثة تطير الصحف في الأيدي) (٣). وأخرجه كذلك عن قتادة بلفظ: حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: سعيد عن قتادة: قوله: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((يعرض الناس ثلاث عرضات يوم القيامة، فأما عرضتان ففيهما خصومات ومعاذير وجدال، وأما العرضة الثالثة فتطير الصحف في الأيدي)) (٤).

قال ابن كثير: (إن الحديث مرسل) (٥).

وأخرج الإمام أحمد عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال: ((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما أتيتك حتى حلفت عدد أصابعي هذه أن لا آتيك، أرانا عفان وطبق كفيه، فبالذي بعثك بالحق، ما الذي بعثك به؟ قال: الإسلام، قال: وما الإسلام؟ قال: أن تسلم قلبك لله تعالى، وأن توجه وجهك إلى الله تعالى، وتصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، أخوان نصيران, لا يقبل الله عز وجل من أحد توبة أشرك بعد إسلامه، قلت: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت. قال: تحشرون ها هنا – وأوما بيده نحو الشام – مشاة وركباناً وعلى وجوهكم، تعرضون على الله تعالى، وعلى أفواهكم الفدام، (٦) وأول ما يعرب عن أحدكم فخذه، وقال: ما من مولى له، فيسأله من فضل عنده، فيمنعه، إلا جعل الله تعالى عليه شجاعاً ينهشه قبل القضاء)) (٧).

وهذه الأحاديث تدل على حصول عرض العباد على ربهم، وقد جاء في عرض أعمال العباد: أن المؤمن تعرض أعماله بكل يسر وسهولة دون مناقشة واستقصاء، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نوقش الحساب عذب، قالت: قلت: أليس يقول الله تعالى: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق: ٨]؟ قال: ذلك العرض)) (٨).


(١) رواه مسلم (٦٣٣).
(٢) رواه الترمذي (٢٤٢٥). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال: لا يصح. وقال المباركفوري في ((تحفة الأحوذي)) (٦/ ٢٩٦): منقطع.
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٣/ ٥٨٤).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٢٣/ ٥٨٤).
(٥) ((تفسير ابن كثير)) (٤/ ٤١٤).
(٦) الفدام: هو ما يشد على فم الإبريق والكوز من خرقة لتصفية الشراب الذي فيه، أي أنهم يمنعون الكلام بأفواههم حتى تتكلم جوارحهم فشبه ذلك بالفدام. ((النهاية)) لابن الأثير (٣/ ٤٢١).
(٧) رواه أبو داود (٢١٤٢)، وابن ماجه (١٨٥٠)، وأحمد (٤/ ٤٤٧) (٢٠٠٢٧)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٥/ ٣٧٣) (٩١٧١). والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه النووي في ((رياض الصالحين)) (١٤٩) وابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٣/ ٣٠١) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (١/ ٢٧٧)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.
(٨) رواه البخاري (١٠٣). من حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>