للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب السادس: مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة]

يدخل من هذه الأمة الجنة جموع كثيرة الله أعلم بعددهم، ففي (صحيح البخاري) عن سعيد بن جبير قال: حدثني ابن عباس، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عرضت علي الأمم، فأخذ النبي يمر معه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشرة، والنبي يمر معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرت فإذا سواد كثير، قلت: يا جبريل هؤلاء أمتي؟ قال: لا، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفاً قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب)) (١) والسواد الأول الذي ظنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته هم بنو إسرائيل، كما في بعض الروايات في (الصحيح) ((فرجوت أن تكون أمتي فقيل: هذا موسى وقومه)). (٢) ولا شك أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أكثر من بني إسرائيل، ففي الحديث: ((فإذا سواد كثير)) قال ابن حجر في رواية سعيد بن منصور ((عظيم)) وزاد ((فقيل لي: انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر مثله) وفي رواية ابن فضيل: ((فإذا سواد قد ملأ الأفق، فقيل لي: انظر هاهنا، وهاهنا في آفاق السماء)) (٣) وفي حديث ابن مسعود: ((فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال)) (٤)، وفي لفظ لأحمد: ((فرأيت أمتي قد ملؤوا السهل والجبل، فأعجبني كثرتهم وهيئتهم، فقيل: أرضيت يا محمد؟ قلت: نعم يا رب)) (٥) وقد ورد في بعض الأحاديث أن مع كل ألف من السبعين ألفاً سبعين ألفاً، وثلاث حثيات من حثيات الله، ففي (مسند أحمد)، و (سنن الترمذي) و (ابن ماجه) عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً لا حساب عليهم، ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفاً، وثلاث حثيات من حثيات ربي)) (٦)، ولا شك أن الثلاث حثيات تدخل الجنة خلقاً كثيراً. وقد كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يرجو أن تكون هذه الأمة نصف أهل الجنة، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذكر بعث النار، قال صلوات الله وسلامه عليه في آخره: ((والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " فكبرنا. فقال: " أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة "، فكبرنا. فقال: " أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " فكبرنا. قال: " ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود)) (٧)


(١) رواه البخاري (٦٥٤١).
(٢) رواه البخاري (٥٧٠٥).
(٣) رواه البخاري (٥٧٠٥).
(٤) رواه أحمد (١/ ٤٠١) (٣٨٠٦) , وابن حبان (١٦/ ٣٤١) , والطبراني (١٠/ ٦) , والطيالسي (١/ ٥٣) , قال ابن كثير في ((التفسير)) (٢/ ٧٩): إسناده صحيح من هذا الوجه, وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٤٠٨): [روي] بأسانيد وأحد أسانيده رجاله رجال الصحيح , وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)): إسناده صحيح, وصححه الألباني في ((صحيح الموارد)) (٢٢٣٥).
(٥) رواه أحمد (١/ ٤٥٤) (٤٣٣٩) , والحاكم (٤/ ٤٦٠) , وأبو يعلى (٩/ ٢٣٣) , قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد من أوجه ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي.
(٦) رواه الترمذي (٢٤٣٧)، وأحمد (٥/ ٢٦٨) (٢٢٣٥٧)، وابن ماجه (٤٢٨٦). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (٥/ ١٧٢) - كما ذكر ذلك في المقدمة - وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٧) رواه البخاري (٣٣٤٨)، ومسلم (٢٢٢) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>