للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: محاورة أهل السنة للقدرية]

ولم يستطع منطق المعتزلة أن يقف في مجال الحجاج مع عوام أهل السنة فضلاً عن علمائهم وأهل الرأي فيهم. يذكر أهل العلم أن أعرابياً أتى عمرو بن عبيد، فقال له: إن ناقتي سُرقت، فادع الله أن يردها عليَّ.

قال عمرو بن عبيد: اللهم إن ناقة هذا الفقير سُرقت، ولم تُرِدْ سرقتها، اللهمّ ارددها عليه. فقال الأعرابي: الآن ذهبت ناقتي، وأيست منها. قال: كيف؟ قال: لأنه إذا أراد أن لا تُسرق فسرِقت، لم آمن أن يريد رجوعها فلا ترجع، ونهض من عنده منصرفاً (١). الإيمان بالقضاء والقدر لعمر بن سليمان الأشقر - ص٦٠

إجابة أبو عصام القسطلاني لقدري

وقال رجل لأبي عصام القسطلاني: أرأيت إن منعني الهدى، وأوردني الضلال ثم عذبني أيكون منصفاً؟

فقال له أبو عصام: إن يكن الهدى شيئاً هو له، فله أن يعطيه من يشاء ويمنعه من يشاء (٢). الإيمان بالقضاء والقدر لعمر بن سليمان الأشقر - ص٦١

محاورة عبد الجبار الهمداني وأبي إسحاق الإسفراييني

ودخل عبد الجبار الهمداني أحد شيوخ المعتزلة - على الصاحب ابن عباد، وعنده أبو إسحاق الإسفراييني أحد أئمة السنة، فلما رأى الأستاذ قال: سبحان من تنزه عن الفحشاء. فقال الأستاذ فوراً: سبحان من لا يقع في ملكه إلا من يشاء. فقال القاضي: أيشاء ربنا أن يُعْصَى؟ فقال الأستاذ: أيُعْصَى ربنا قهراً؟ فقال القاضي: أرأيت إن منعني الهدى، وقضى عَليَّ بالردى، أحسن إليّ أم أساء؟ فقال الأستاذ: إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء فبهت القاضي. وفي (تاريخ الطبري) أن غيلان قال لميمون بن مهران بحضرة هشام بن عبد الملك الذي أتي به ليناقشه: أشاء الله أن يُعصى؟ فقال له ميمون: أفَعُصيَ كارهاً؟ (٣). الإيمان بالقضاء والقدر لعمر بن سليمان الأشقر - ص٦١

بيْنَ عمر بن عبد العزيز وغَيْلان الدمشقي


(١) انظر: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (٤/ ٧٤٠).
(٢) انظر: ((شرح العقيدة الطحاوية)) (١٦٦).
(٣) انظر: ((تاريخ الطبري)) (٥/ ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>