للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الزكاة]

المطلب الأول: تشريع الزكاة

وأما الزكاة فقد تقدم ذكرها في نصوص الصلاة وغيرها ومما يتعلق بها على انفرادها قوله عز وجل: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهُمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَالله سَمِيعٌ عَلِيم [التوبة: ١٠٣] وقوله في صفات عباده المؤمنين وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون: ٤] وقوله تعالى في ذم الكفار ووعيدهم وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت: ٦ - ٧] وإن كانت هذه الآية في زكاة النفوس فهي عامة لزكاة الأموال أيضا وقد فسرت بها وقوله تعالى في وعيد مانعيها مطلقا وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة: ٣٤ - ٣٥] ... وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها من نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار قيل: يا رسول الله فالإبل قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطأه بأخفافها وتعضه فأفواهها كلما مر عليه أولاها أعيد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار قيل يا رسول الله فالبقر والغنم قال ولا صاحب بقر وغنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عفصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطأه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار)) (١) الحديث بطوله.

وفيه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد يوم القيامة بقاع قرقر تطأه ذات الظلف بظلفها وتنطحه ذات القرن بقرنها ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة القرن الحديث وفيه ولا من صاحب مال لا يؤدي زكاته إلا تحول يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب وهو يفر منه ويقال: هذا مالك الذي كنت تبخل به فإذا رأى أنه لا بد منه أدخل يده في فيه فجعل يقضمها كما يقضم الفحل)) (٢).

وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار فيقول: يا محمد فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغت ولا يأتي أحدكم ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول يا محمد فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغت)) (٣). وفيه عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ الآية [آل عمران:١٨٠])) (٤)


(١) رواه مسلم (٩٨٧).
(٢) رواه مسلم (٩٨٨).
(٣) رواه البخاري (١٤٠٢).
(٤) رواه البخاري (١٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>