للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثانيا: المفاضلة بين عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما]

أما المفاضلة بين عثمان وعلي فهذه دون تلك، وقد حصل فيها نزاع بين السلف قال ابن تيمية: (فإن سفيان الثوري وطائفة من أهل الكوفة رجحوا عليًا على عثمان، ثم رجع عن ذلك سفيان وغيره، وبعض أهل المدينة توقَّف في عثمان وعلي وهي إحدى الروايتين عن مالك، لكن الرواية الأخرى عنه تقديم عثمان على علي كما هو مذهب سائر الأئمة كالشافعي وأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وغير هؤلاء من أئمة الإسلام) (١).

أما أبو حنيفة رحمه الله فقد روي عنه (تقديم علي على عثمان) (٢) وجاء في (السير الكبير) لمحمد بن الحسن الشيباني: (روى نوح بن أبي مريم عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال: سألته عن مذهب أهل السنة فقال: أن تفضل أبا بكر وعمر، وتحب عليًّا وعثمان، وترى المسح على الخفين (٣)، ولا تكفر أحدًا من أهل القبلة، وتؤمن بالقدر، ولا تنطق في الله بشيء ... ) ثم قال الشارح: (ومن الناس من يقول: قبل الخلافة كان عليًّا مُقَدَّمًا على عثمان، وبعد الخلافة عثمان أفضل من علي) (٤) ثم اعتذر الشارح عن كلام الإمام السابق بقوله: (ولم يُرِدْ أبو حنيفة رضي الله عنه بما ذكر تقديم علي على عثمان، ولكن مراده أن محبتهما من مذهب أهل السنة فالواو عنده لا توجب الترتيب) (٥).

قلت: بل قد صرَّح في الفقه الأكبر بتقديم عثمان على علي فقال: (وأفضل الناس بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام أبو بكر، ثم عمر بن الخطاب الفاروق، ثم عثمان بن عفان ذو النورين، ثم علي بن أبي طالب المرتضى رضي الله تعالى عنهم أجمعين) (٦). وهو ظاهر المذهب قال السرخسي: (فأما المذهب عندنا أن عثمان أفضل من علي رضوان الله عليهما قبل الخلافة وبعدها) (٧).

أدلة تفضيل عثمان على علي رضي الله عنه:

... أن الغالبية العظمى من أهل السنة والجماعة على تقديم عثمان على علي، ولم يخالف إلا القليل، ويدل على صحة ما ذهبوا إليه ما يلي:

- ما تقدّم من قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كنا نقول ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيّ: (أفضل الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهم) (٨).


(١) [١١١٩٣])) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٤٢٦).
(٢) [١١١٩٤])) ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص: ٤٨٦).
(٣) [١١١٩٥])) مخالفة للرافضة، لأنهم لا يرون المسح على الخفين ولا الصلاة فيها، ولذلك درج علماء السلف على ذكر هذه المسألة الفرعية في عقائدهم للدلالة على مخالفتهم للرافضة.
(٤) [١١١٩٦])) ((شرح السير الكبير)) (١/ ١١١).
(٥) [١١١٩٧])) ((شرح السير الكبير)) (١/ ١١١).
(٦) [١١١٩٨])) انظر: ((الفقه الأكبر)) لأبي حنيفة (ص: ٤١).
(٧) [١١١٩٩])) ((شرح السير الكبير)) (١/ ١١١)، وانظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص: ٤٨٦).
(٨) [١١٢٠٠])) رواه أبو داود (٤٦٢٨). وسكت عنه، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).

<<  <  ج: ص:  >  >>