للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرع الخامس: المفاضلة بين الصحابيات]

لا ريب أن التفاضل كما أنه واقع بين الصحابة واقع بين الصحابيات أيضاً، ولقد ثبت في الكتاب والسنة تفضيل نساء النبي صلى الله عليه وسلم عامة, وخديجة وعائشة خاصة وابنته فاطمة رضي الله عنهن على جميع الصحابيات.

قال تعالى: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ [الأحزاب: ٣٢]. فهذا في تفضيل نساء النبي صلى الله عليه وسلم عامة, وأنه لا يلحقهن في فضلهن إن اتقين الله أحد من النساء فهن أكرم على الله من غيرهن.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((خير نسائها مريم ابنة عمران، وخير نسائها خديجة)) (١). فهذا في تفضيل خديجة رضي الله عنها.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام)) (٢).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة)) (٣).

وفي لفظ: ((أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة)) (٤).

وقد اشتهر الخلاف في خديجة وعائشة وفاطمة أيهن أفضل (٥) رضي الله عنهن، قال ابن تيمية: (أفضل نساء هذه الأمة خديجة وعائشة وفاطمة، وفي تفضيل بعضهن على بعض نزاع وتفصيل) (٦).

وإذا نظرنا في النصوص الواردة في تفضيل كل واحدة منهم – رضي الله عنهن – وجدنا أن اللفظ الوارد في تفضيل خديجة وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((خير نسائها خديجة)) إنما يتضح تمام معناه بمعرفة الضمير على أي شيء يعود، وقد ورد ما يفسر ذلك صريحاً فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((لقد فضلت خديجة على نساء أمتي)) (٧). وقال صلى الله عليه وسلم: ((أفضل نساء أهل الجنة خديجة, وفاطمة, ومريم, وآسية)) (٨). قال ابن حجر: (وهذا نص صريح لا يحتمل التأويل) (٩). وقال صلى الله عليه وسلم: ((حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران, وخديجة بنت خويلد, وفاطمة بنت محمد, وآسية امرأة فرعون)) (١٠).

فهذا النص في خديجة رضي الله عنها أنها أفضل نساء الأمة.


(١) رواه البخاري (٣٤٣٢). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٣٤١١)، ومسلم (٢٤٣١). من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (٦٢٨٥)، ومسلم (٢٤٥٠). من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٤) ((البخاري مع الفتح)) (٦/ ٦٢٨).
(٥) ((أصول الدين)) (٣٠٦) و ((الروض الأنف)) (٢/ ٢٦٨) و ((الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة)) (٥٦) و ((فتح الباري)) (٧/ ١٣٩) و ((بدائع الفوائد)) (٣/ ١٦٣) و ((جلاء الأفهام)) (١٢٢).
(٦) ((الفتاوى)) (٤/ ٣٩٤).
(٧) رواه الطبراني كما في مجمع الزوائد (٩/ ٢٢٦)، والبزار (٤/ ٢٥٥). من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما. قال الهيثمي: رواه الطبراني، والبزار، وفيه أبو يزيد الحميري، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا.
(٨) رواه أحمد (١/ ٢٩٣) (٢٦٦٨)، وابن حبان (١٥/ ٤٧٠) (٧٠١٠)، وأبو يعلى (٥/ ١١٠) (٢٧٢٢)، والطبراني (١١/ ٣٣٦) (١١٩٥٥)، والحاكم (٢/ ٥٣٩). هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ووافقه الذهبي، وحسن إسناده النووي في ((تهذيب الأسماء واللغات)) (٢/ ٣٤١)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد) (٩/ ٢٢٦): رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم رجال الصحيح.
(٩) ((فتح الباري)) (٧/ ١٣٥).
(١٠) رواه الترمذي (٣٨٧٨)، وأحمد (٣/ ١٣٥) (١٢٤١٤)، وابن حبان (١٥/ ٤٦٤) (٧٠٠٣)، والطبراني (٢٢/ ٤٠٢) (١٨٨٥٥)، والحاكم (٣/ ١٧٢). قال الترمذي: صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصحح إسناده ابن حجر في ((فتح الباري)) (٦/ ٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>