للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خامسا: فضل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه]

هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب ويقال: وهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي الفهري أبو عبيدة بن الجراح مشهور بكنيته وبالنسبة إلى جده، وأمه أميمة بنت غنم بن جابر بن عبد العزى بن عامر بن عميرة (١). وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام (وكان إسلامه هو وعثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد في ساعة واحدة قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم) (٢).

وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وهاجر الهجرتين وشهد بدراً وما بعدها وهو الذي انتزع حلقتي المغفر من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيتاه بسبب ذلك وثبت يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انهزم الناس (٣) ومناقبه -رضي الله عنه- تضمنتها أحاديث صحيحة مشهورة منها:

- ما رواه الشيخان من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لكل أمة أميناً وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح)) (٤).

هذا الحديث تضمن منقبة عظيمة لأبي عبيدة -رضي الله عنه- (والأمين هو الثقة المرضي وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره لكن السياق يشعر بأن له مزيداً في ذلك لكن خص النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من الكبار بفضيلة ووصفه بها فأشعر بقدر زائد فيها على غيره كالحياء لعثمان والقضاء لعلي ونحو ذلك) (٥).

وروى البخاري بإسناده إلى حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجران: ((لأبعثن عليكم – يعني – أمينا حق أمين)) فأشرف أصحابه فبعث أبا عبيدة رضي الله عنه (٦).

وروى مسلم بإسناده إلى أنس ((أن أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام قال: فأخذ بيد أبي عبيدة فقال: هذا أمين هذه الأمة)) (٧).

وروى أيضاً: بإسناده إلى حذيفة قال: جاء أهل نجران إلى رسول الله فقالوا: يا رسول الله ابعث إلينا رجلا أميناً فقال: ((لأبعثن إليكم رجلا أميناً حق أمين)) قال: فاستشرف لها الناس (٨).

إنها لمنقبة عظيمة خص بها أبو عبيدة -رضي الله عنه- حق لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتطلعوا لها (وكان تطلعهم رضي الله عنهم إلى الولاية ورغبتهم فيها حرصاً منهم على أن يكون أحدهم هو الأمين الموعود في الحديث لا حرصاً على الولاية من حيث هي) (٩).


(١) ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (٣/ ٤٠٩)، ((المستدرك)) للحاكم (٣/ ٢٦٢)، ((الاستيعاب لابن عبد البر على حاشية الإصابة)) (٣/ ٢)، ((الرياض النضرة في مناقب العشرة)) (٤/ ٣٠١)، ((الإصابة)) (٢/ ٢٤٣).
(٢) ((المستدرك)) (٣/ ٢٦٦)، ((الإصابة)) (٢/ ٢٤٣).
(٣) ((المستدرك)) (٣/ ٢٦٦)، ((الإصابة)) (٢/ ٢٤٣).
(٤) رواه البخاري (٣٧٤٤)، ومسلم (٢٤١٩).
(٥) انظر: ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (١٥/ ١٩١ - ١٩٢)، ((فتح الباري)) (٧/ ٩٣)، ((عمدة القاري)) (١٦/ ٢٣٨)، ((تحفة الأحوذي)) (١٠/ ٢٦٠).
(٦) رواه البخاري (٣٧٤٥).
(٧) رواه مسلم (٢٤١٩).
(٨) رواه مسلم (٢٤٢٠).
(٩) انظر ((شرح النووي على صحيح مسلم)) (١٥/ ١٩٢)، ((فتح الباري)) (٧/ ٩٤)، ((عمدة القاري)) (١٦/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>