للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثانيا: أدلة أهل السنة على عدالة الصحابة من السنة النبوية]

اشتملت السنة النبوية على أحاديث كثيرة تنوه بفضل الصحابة رضوان الله عليهم، وتنص على توقيرهم واحترامهم، وتشييد بمكانتهم ومنزلتهم.

هذه الأحاديث بمجموعها يمكن أن تكون دليلاً عظيماً على عدالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزاهتهم.

وما قلناه في المبحث السابق حول آيات القرآن الكريم، يمكن أن يقال هنا أيضاً، فمن أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتدحه وأوجب على الأمة محبته واحترامه وتوقيره، فإنه لا ريب أن يكون ذلك المديح والثناء تعديلاً له.

وإذا كانت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قسمين:

القسم الأول: ما تناول ذكر آحاد الصحابة بالتخصيص.

والقسم الثاني: ما ذكر مجموعهم بالفضل والثناء دون تخصيص واحد منهم.

فإني في هذا المبحث سأسوق الأحاديث التي دلت على فضل مجموع الصحابة، والثناء عليهم وتعديلهم:

١ - عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه: قرنين أو ثلاثة؟ ... )) (١).

أثبت حديث عمران هذا الخيرية للصحابة رضي الله عنهم حيث إنهم يمثلون قرن النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم أفضل من بقية القرون التي ستأتي بعدهم وقد فصلت القول في الخيرية في المبحث الثالث من هذا الفصل في أدلة أهل السنة من القرآن عند قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: ١١٠].

ومن ثبتت له الخيرية ثبتت عدالته.

٢ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تسبوا أصحابي فلو أن أحداً أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ أحدهم ولا نصيفه)) (٢).

في هذا الحديث نهي صريح عن سب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفي هذا الفضل والثناء لهم والتكريم والتبجيل تنويه لمكانتهم وتشريف لمنزلتهم ثم إن السب تجريح ومن نهي عن تجريحه قلنا بتعديله.

٣ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يأتي على الناس زمان، يغزو فيه فئام من الناس، فيقولون: هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان، فيغزوا فئام من الناس، فيقال: هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم)) (٣).

وفي رواية: ((هل فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم)) (٤) وفي الثانية: من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

في هذا الحديث: (إثبات الفضيلة للصحابة رضي الله عنهم، حيث إن البلاد تفتح أمام الجماعة الغازية التي فيها بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كرامة لهم، وبياناً لفضلهم، وذلك لما لهم من حسن قصد، وسلامة نية، وصدق في نشر الدعوة الإسلامية) (٥)، مما يدل على عدالتهم رضي الله عنهم وإنما نالوا ذلك الفضل لصحبتهم رسول الله ورؤيته ثم نال من بعدهم الفضل أيضاً لرؤيتهم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم.


(١) رواه البخاري (٣٦٥٠) بلفظ: ((خير أمتي قرني .. ))، ومسلم (٢٥٣٥) بلفظ: ((إن خيركم قرني .. )).
(٢) رواه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١).
(٣) رواه البخاري (٣٦٤٩).
(٤) رواه مسلم (٢٥٣٢).
(٥) ((صحابة رسول الله في الكتاب والسنة)) لعيادة أيوب الكبيسي (ص: ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>