للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - فضل أم كلثوم رضي الله عنها]

هي أم كلثوم بنت المصطفى سيد ولد آدم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم، وأمها خديجة بنت خويلد، تزوجها عتيبة بن أبي لهب قبل البعثة، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [المسد: ١] قال له أبوه أبو لهب: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته، ففارقها ولم يكن دخل بها، فلم تزل بمكة مع أبيها صلى الله عليه وسلم وأسلمت حين أسلمت أمها وبايعت رسول الله مع أخواتها حين بايعه النساء وهاجرت إلى المدينة، فلم تزل بها، ولما توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوجها الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان، وكان ذلك شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة، وأدخلت عليه في هذه السنة في جمادى الآخرة، فلم تزل عنده إلى أن ماتت ولم تلد له شيئاً. فرضي الله عنها وأرضاها (١).

وقد وردت لها مناقب تدل على فضلها ومنزلتها رضي الله عنها:

١ - ما ذكره ابن عبد البر من قوله: (وكان عثمان رضي الله عنه إذ توفيت رقية قد عرض عليه عمر بن الخطاب حفصة ابنته ليتزوجها فسكت عثمان عنه لأنه قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أدل عثمان على من هو خير له منها وأدلها على من هو خير لها من عثمان)) فتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة وزوج عثمان أم كلثوم) (٢).

٢ - وروى البخاري في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: شهدنا بنتاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر، قال: فرأيت عينيه تدمعان، قال فقال: ((هل منكم رجل لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل، قال: فنزل في قبرها)) (٣).

قال الحافظ ابن حجر عند شرحه الحديث: (قوله: شهدنا بنتاً للنبي صلى الله عليه وسلم هي أم كلثوم زوج عثمان رواه الواقدي عن فليح بن سليمان بهذا الإسناد، وأخرجه ابن سعد في (الطبقات) في ترجمة أم كلثوم (٤)، وكذا الدولابي في (الذرية الطاهرة) (٥) .. ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فسماها رقية، أخرجه البخاري في (التاريخ الأوسط) والحاكم في (المستدرك) (٦)، قال البخاري: (ما أدري ما هذا، فإن رقية ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر لم يشهدها، قلت: وهم حماد في تسميتها فقط) (٧).

٣ - ومن مناقبها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازتها رضي الله عنها فقد روى ابن سعد في ترجمتها بإسناده: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليها وجلس على حفرتها، ونزل في حفرتها علي بن أبي طالب والفضل بن عباس وأسامة بن زيد) (٨).

وبهذا يتبين فضلها ومنزلتها إذ أبدلها الله عز وجل بعد مفارقة ابن أبي لهب برجل حيي كريم تستحي منه الملائكة من أفضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان نعم الزوج لها ونعمة الزوجة له، كما أنها حظيت رضي الله عنها بأن يكون المصطفى صلى الله عليه وسلم إمام المصلين على جنازتها وكفى بذلك منقبة وفضيلة لما في دعائه لها من البركة والرحمة والمغفرة.

وقد كانت وفاتها سنة تسع من الهجرة (٩) فرضي الله عنها وأرضاها. العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط سليمان بن سالم بن رجاء السحيمي– ص: ١٢١


(١) ((الاستيعاب)) (٤/ ٢٩٤).
(٢) ((الاستيعاب)) (٤/ ٤٦٤).
(٣) رواه البخاري (١٢٨٥).
(٤) رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (٨/ ٣٨).
(٥) رواه الدولابي في ((الذرية الطاهرة)) (ص: ٦٠).
(٦) رواه البخاري في ((التاريخ الأوسط)) (١/ ٤٤)، والحاكم في ((المستدرك)) (٤/ ٥١) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (٥/ ١٤٥).
(٧) ((فتح الباري)) (٣/ ١٥٨).
(٨) رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (٨/ ٣٩).
(٩) انظر: ((الطبقات الكبرى)) (٨/ ٣٨)، و ((العبر)) للذهبي (١/ ٩)، و ((الإصابة)) (٤/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>