للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: حقهم في الخمس]

ومن حقوق آل البيت عليهم السلام عند أهل السنة، حقهم من الخمس؛ لقوله تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال: ٤١] وقوله تعالى: مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الحشر: ٧] وثبت في السنة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (سمعت علياً يقول: ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحياة أبي بكر، وحياة عمر، فأتي بمال فدعاني، فقال: خذه، فقلت: لا أريده، قال: خذه؛ فأنتم أحق به، قلت: قد استغنينا عنه. فجعله في بيت المال) رواه أبو داود (١).

ففي الخمس سهم خاص بذي القربى، وهو ثابت لهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قول جمهور العلماء، وهو الصحيح (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لهم من الحقوق ما يجب رعايتها؛ فإن الله جعل لهم حقاً في الخمس والفيء، وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) (٣).

لكن أهل السنة –بخلاف الشيعة- يقولون: إنهم يعطون من خمس الغنائم، وليس من خمس الأموال، فليس في الإرث خمس، وكذا في المسكن والسيارة وغيرها؛ لأن الله يقول: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ [الأنفال: ١] فقال: أَنَّمَا غَنِمْتُم ولم يقل: من أموالكم.

وقد اضطربت الشيعة بعد غيبة الإمام الثاني عشر اضطراباً كبيراً بسبب الخمس، حيث ظهرت مشكلة: إلى من يسلم الخمس، وماذا يصنع به؟

يبين هذا الاضطراب الشيخ المفيد حيث يقول: (قد اختلفت قوم من أصحابنا في ذلك – أي: الخمس – عند الغيبة، وذهب كل فريق إلى مقال:

فمنهم من يسقط إخراجه لغيبة الإمام، وما تقدم من الرخص فيه من الأخبار.

وبعضهم يوجب كنزه – أي: دفنه – ويتأول خبراً ورد: إن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام، وأنه عليه السلام إذا قام دله الله على الكنوز فيأخذها من كل مكان.

وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستصحاب.

وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر، فإن خشي إدراك الموت قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته حتى يسلم إلى الإمام إن أدرك قيامه، وإلا وصى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة.

ثم قال بعد ذلك: وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يلجأ إليه من صريح الألفاظ ... ) (٤).

فالقول الوحيد المستند إلى الأخبار الواردة عن الأئمة من بين كل الأقوال التي استعرضها الشيخ المفيد هو القول الأول الذي يسقط إخراج الخمس.

ومنها: اليقين الجازم بأن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذريته هو أشرف أنساب العرب قاطبة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)) (٥). آل البيت عليه السلام وحقوقهم الشرعية – صالح بن عبد الله الدرويش – ص: ٣٤


(١) رواه أبو داود (٢٩٨٣)، والحاكم (٢/ ١٤٠)، وابن أبى شيبة (٦/ ٥١٦)، والضياء (٢/ ٢٦٥) (٦٤٣). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (٧/ ٣٢٩)، وقال عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٥٨٣): صحيح الإسناد، كما أشار لذلك في المقدمة.
(٢) انظر: ((المغني)) (٩/ ٢٨٨).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٣/ ٤٠٧).
(٤) ((المقنعة)) للشيخ المفيد (ص: ٤٦).
(٥) رواه مسلم (٢٢٧٦). من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>