للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الأدلة من السنة على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

إن الأحاديث الواردة في فضله كثيرة جداً ولكننا سوف نقتصر على طرف منها:

١ - ورد في الصحيحين ومسند أحمد وسنن النسائي والدارمي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((على كل مسلم صدقة. قال أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق. قال أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير. قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال يمسك عن الشر فإنه له صدقة)) (١).

فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ندب الأمة إلى نفع الخلق بالتصدق عليهم، صدقة حسية أو معنوية. فمن وجد الحسية فهو خير وإلا تصدق بالمعنوية ففيها خير، وإن أمكنه فعل ذلك كله فهو أفضل.

قال ابن حجر -رحمه الله-: فمن أمكنه أن يعمل بيده فيتصدق وأن يغيث الملهوف وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويمسك عن الشر فليفعل الجميع (٢).

ويؤخذ من هذا الحديث أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم ندب إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقد يرد سؤال هنا ألا وهو. كيف جعل الأمر بالمعروف من الصدقات. وهو من فروض الكفاية؟

نقول يتعين هذا الأمر إذا حصل من غيره القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وإلا لا يكون من باب الصدقات وقد أشار ابن حجر –رحمه الله- إلى هذه المسألة (٣).

٢ - وعن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة. يجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) (٤).

٣ - وفي رواية أخرى عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله وحمد الله وهلل الله وسبح الله واستغفر الله وعزل حجراً عن طريق الناس أو شوكة أو عظماً عن طريق الناس، وأمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين وثلاثمائة مفصل فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار)) (٥).

٤ - عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة)) (٦).

ففي هذه الأحاديث الشريفة ترغيب من المصطفى صلى الله عليه وسلم بفعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنهما سبب في نجاة العبد من النار.


(١) رواه البخاري (٦٠٢٢)، ومسلم (١٠٠٨)، والنسائي (٥/ ٦٤)، والدارمي (٢/ ٣٩٩) (٢٧٤٧)، وأحمد (٤/ ٣٩٥) (١٩٥٤٩).
(٢) ((فتح الباري)) ابن حجر العسقلاني (٣/ ٣٠٨هـ).
(٣) انظر: ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) (٣/ ٣٠٩هـ).
(٤) رواه مسلم (٧٢٠).
(٥) رواه مسلم (١٠٠٧).
(٦) رواه الترمذي (١٩٥٦)، وابن حبان (٢/ ٢٨٦) (٥٢٩). قال الترمذي: حسن غريب، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٢/ ٢٩٣)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

<<  <  ج: ص:  >  >>