للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته إجمالا]

وأهل السنة والجماعة: يعرفون ربهم بصفاته الواردة في القرآن والسنة، ويصفون ربهم بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسمائه وآياته، ويثبتون لله ما أثبته لنفسه من غير تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل، ولا تحريف، وقاعدتهم في كل ذلك قول الله تبارك وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:١١] وقوله: وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف:١٨٠] وأهل السنة والجماعة: لا يحددون كيفية صفات الله – جل وعلا – لأنه تبارك وتعالى لم يخبر عن الكيفية، ولأنه لا أحد أعلم من الله سبحانه بنفسه، قال تعالى: قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ [البقرة:١٤٠] وقال تعالى: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:٧٤] ولا أحد أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي قال الله تبارك وتعالى في حقه: وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى [النجم:٤] وأهل السنة والجماعة: يؤمنون أن الله – سبحانه وتعالى – هو الأول ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، كما قال سبحانه: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد:٣] وكما أن ذاته - سبحانه وتعالى - لا تشبه الذوات، فكذلك صفاته لا تشبه الصفات؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفء له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه؛ فيثبتون لله ما أثبته لنفسه إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل؛ فحين يثبتون لله ما أثبته لنفسه لا يمثلون، وإذا نزهوه لا يعطلون الصفات التي وصف نفسه بها، وأنه تعالى محيط بكل شيء، وخالق كل شيء، ورازق كل حي، قال الله تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:١٤] وقال: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:٥٨] ويؤمنون بأن الله تعالى استوى على العرش فوق سبع سموات بائن من خلقه، أحاط بكل شيء علماً، كما أخبر عن نفسه في كتابه العزيز في سبع آيات كريمات بلا تكييف قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:٥] وقال: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:٥٤] وقال: أَأَمِنتُم مَّنْ فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ [الملك:١٧] وقال: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:١٠] وقال: يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ [النحل:٥٠] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟)) (١)


(١) رواه البخاري (٤٣٥١)، ومسلم (١٠٦٤). من حديث أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ..

<<  <  ج: ص:  >  >>