للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب السادس: ما تعجز عنه الجن]

عجزهم عن الاتيان بالمعجزات:

لا تستطيع الجن الاتيان بمثل المعجزات التي جاءت بها الرسل تدليلاً على صدق ما جاءت به.

فعندما زعم بعض الكفرة أن القرآن من صنع الشياطين قال تعالى: وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [الشعراء: ٢١٠ - ٢١٢].

وتحدى الله بالقرآن الإنس والجن: قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: ٨٨].

لا يتمثلون بالرسول صلى الله عليه وسلم في الرؤيا:

والشياطين تعجز عن التمثل في صورة الرسول صلى الله عليه وسلم في الرؤيا:

ففي الحديث الذي يرويه الترمذي في سننه بإسناد صحيح: ((من رآني فإني أنا هو، فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بي)) (١).

وهو في الصحيحين بلفظ: ((من رآني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتزيا بي)) (٢).

والظاهر من الأحاديث أن الشيطان لا يتزيا بصورة الرسول صلى الله عليه وسلم الحقيقية، ولا يمنعه هذا من التمثل في غير صورة الرسول صلى الله عليه وسلم والزعم بأنه رسول الله.

ولذلك فلا يجوز أن يحتج بهذا الحديث على أن كل من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام أنه رآه حقاً، إلا إذا كانت صفته هي الصفة التي روتها لنا كتب الحديث. وإلا فكثير من الناس يزعم أنه رآه على صورة مخالفة للصورة المروية في كتب الثقات.

لا يستطيعون أن يتجاوزوا حدوداً معينة في أجواز الفضاء:

قال تعالى: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ [الرحمن: ٣٣ - ٣٥].

فمع قدراتهم وسرعة حركتهم لهم مجالات لا يستطيعون أن يتعدوها، وإلا فإنهم هالكون.

لا يستطيعون فتح باب أغلق وذكر اسم الله عليه:

أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ((أجيفوا الأبواب، واذكروا اسم الله عليها، فإن الشيطان لا يفتح باباً أجيف عليه)) رواه أبو داود، وأحمد، وابن حبان، والحاكم (٣).

وفي الحديث المتفق عليه: ((فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا، وأوكوا قربكم، واذكروا اسم الله، وخمروا آنيتكم، واذكروا اسم الله، ولو أن تعرضوا عليها شيئا، وأطفئوا مصابيحكم)) (٤).

وفي مسند أحمد: ((أغلقوا أبوابكم، وخمروا آنيتكم، وأوكوا أسقيتكم، وأطفئوا سرجكم، فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً، ولا يكشف غطاء، ولا يحل وكاء)) (٥) .. عالم الجن والشياطين لعمر سليمان الأشقر - ص٣٧


(١) رواه الترمذي (٢٢٨٠). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٢) رواه البخاري (٦٩٩٦)، ومسلم (٢٢٦٧). من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه.
(٣) رواه أبو داود (٥١٠٣، ٥١٠٤)، وأحمد (٣/ ٣٠٦) (١٤٣٢٢)، وأبو يعلى (٤/ ٢١٠) (٢٣٢٧)، وابن حبان (١٢/ ٣٢٦) (٥٥١٧)، والحاكم (٤/ ٣١٦) (٧٧٦٢). وقال: صحيح على شرط مسلم، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٤/ ١٨٩) كما قال ذلك في المقدمة، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٦٢٠).
(٤) رواه البخاري (٥٦٢٣)، ومسلم (٢٠١٢). من حديث جابر رضي الله عنه.
(٥) رواه أحمد (٣/ ٣٠١) (١٤٢٦٦). قال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير فطر - وهو ابن خليفة - فقد روى له البخاري مقرونا بغيره وأصحاب السنن وهو ثقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>