للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الأصابع]

صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسُّنَّة الصحيحة الدليل:

١ - حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن)) (١).

٢ - حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم! إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع إلى أن قال: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ)) (٢).

قال إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة: (باب إثبات الأصابع لله عَزَّ وجَلَّ)، وذكر بأسانيده ما يثبت ذلك (٣).

وقال أبو بكر الآجري: (باب الإيمان بأن قلوب الخلائق بين إصبعين من أصابع الرب عَزَّ وجَلَّ، بلا كيف) (٤) وقال البغوي بعد ذكر الحديث السابق: (والإصْبَع المذكورة في الحديث صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجَلَّ، وكذلك كلُّ ما جاء به الكتاب أو السنَّة من هذا القبيل من صفات الله تعالى؛ كالنَّفس، والوجه، والعين، واليد، والرِّجل، والإتيان، والمجيء، والنُّزُول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح) اهـ (٥) وقال ابن قتيبة بعد أن ذكر حديث عبد الله بن عمرو السابق: ونحن نقول: إنَّ هذا الحديث صحيح، وإن الذي ذهبوا إليه في تأويل الإصبع لا يشبه الحديث؛ لأنه عليه السلام قال في دعائه: ((يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك فقالت له إحدى أزواجه: أوَ تخاف يا رسول الله على نفسك؟ فقال: إنَّ قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عَزَّ وجَلَّ)) (٦)، فإن كان القلب عندهم بين نعمتين من نعم الله تعالى؛ فهو محفوظ بتينك النعمتين؛ فلأي شيء دعا بالتثبيت؟ ولِمَ احتج على المرأة التي قالت له: أتخاف على نفسك؟ بما يؤكد قولها؟ وكان ينبغي أن لا يخاف إذا كان القلب محروساً بنعمتين فإن قال لنا: ما الإصبع عندك ها هنا؟

قلنا: هو مثل قوله في الحديث الآخر: ((يحمل الأرض على إصبع))، وكذا على إصبعين، ولا يجوز أن تكون الإصبع ها هنا نعمة، وكقوله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:٦٧]، ولم يجز ذلك ولا نقول: إصبعٌ كأصابعنا، ولا يدٌ كأيدينا، ولا قبضةٌ كقبضاتنا؛ لأن كل شيء منه عَزَّ وجَلَّ لا يشبه شيئاً منا)) اهـ (٧) فأهل السنة والجماعة يثبتون لله تعالى أصابع تليق به لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:١١]. صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٥٧


(١) رواه مسلم (٢٦٥٤).
(٢) رواه البخاري (٧٤١٥) ومسلم (٢٧٨٦).
(٣) ((التوحيد)) (١/ ١٨٧).
(٤) ((الشريعة)) (ص٣١٦).
(٥) ((شرح السنة)) (١/ ١٦٨).
(٦) بنفس اللفظ الذي ذكره ابن قتيبة غير موجود، ولكن رواه الترمذي من حديث أم سلمة رضي الله عنها وحسنه بلفظ مقارب في سننه (٣٥٢٢) وصححه الألباني، وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها (٦/ ٩١) (٢٤٦٤٨) والطبراني في الأوسط (٢/ ١٤٧) وقال الهيثمي: فيه العلاء بن الفضل قال ابن عدى في بعض ما يروية نكرة، وبقية رجاله وثقوا وفيهم خلاف.
(٧) ((تأويل مختلف الحديث)) (ص٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>