للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الحياء والاستحياء]

صفةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، و (الحيي) من أسمائه تعالى

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا [البقرة: ٢٦]

قوله تعالى: وَاللهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ [الأحزاب: ٥٣]

الدليل من السنة:

حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه مرفوعاً: ((وأما الآخر؛ فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الآخر؛ فأعرض، فأعرض الله عنه)) (١).

حديث سلمان رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أنَّ يردهما صفراً خائبتين)) (٢) رواه الترمذي واللفظ له، وأبو داود، وأحمد، والحاكم انظر: (جامع الأصول ٢١١٨)، و (صحيح الجامع ١٧٥٧

ومِمَّن أثبت صفة الاستحياء من السلف الإمام أبو الحسن محمد بن عبدالملك الكرجي، فيما نقله عنه شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى ٤/ ١٨١)؛ موافقاً له

وقال ابن القيم (٣):

وهو الحييُّ فليسَ يفضحُ عبده ... عندَ التجاهُرِ منهُ بالعصيانِ

لكنَّهُ يُلقِي عليه سِترهُ ... فَهُو السِّتِّيرُ وصاحب الغفرانِ

قال الهرَّاس: وحياؤه تعالى وصف يليق به، ليس كحياء المخلوقين، الذي هو تغير وانكسار يعتري الشخص عند خوف ما يعاب أو يذم، بل هو ترك ما ليس يتناسب مع سعة رحمته وكمال جوده وكرمه وعظيم عفوه وحلمه؛ فالعبد يجاهره بالمعصية مع أنه أفقر شيء إليه وأضعفه لديه، ويستعين بنعمه على معصيته، ولكن الرب سبحانه مع كمال غناه وتمام قدرته عليه يستحي من هتك ستره وفضيحته، فيستره بما يهيؤه له من أسباب الستر، ثم بعد ذلك يعفو عنه ويغفر اهـ.

قال الأزهري: وقال الليث: الحياء من الاستحياء؛ ممدود قلت: وللعرب في هذا الحرف لغتان: يُقال: استحى فلان يستحي؛ بياء واحدة، واستحيا فلان يستحْيِي؛ بياءين، والقرآن نزل باللغة التامَّة؛ (يعني الثانية) اهـ (٤). صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص١٢٥


(١) رواه البخاري (٦٦)، ومسلم (٢١٧٦).
(٢) رواه أبو داود (١٤٨٨)، والترمذي (٣٥٥٦)، وابن ماجه (٣٨٦٥)، وأحمد (٥/ ٤٣٨) (٢٣٧٦٥)، والحاكم (١/ ٧١٨). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم ولم يرفعه. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال البغوي في ((شرح السنة)) (٣/ ١٥٩): هذا حديث حسن غريب. وقال الذهبي في ((العلو)) (٦٣): مشهور. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (٢/ ٤١٣) - كما أشار في مقدمته -.وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٣) ((النونية)) (٢/ ٨٠).
(٤) ((تهذيب اللغة)) (٥/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>