للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- القبض والطي]

صفتان فعليتان خبريَّتان لله عَزَّ وجلَّ، ثابتتان بالكتاب والسنة، و (القابض) من أسماء الله تعالى

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: وَالله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة: ٢٤٥]

قوله تعالى: وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر: ٦٧]

الدليل من السنة:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه)) (١)

قال أبو يعلى الفراء في (إبطال التأويلات) بعد ذكر حديث: ((إن الله خلق آدم من قبضة قبضها)): اعلم أنه غير ممتنع إطلاق القبض عليه سبحانه، وإضافتها إلى الصفة التي هي اليد التي خلق بها آدم؛ لأنه مخلوق باليد من هذه القبضة، فدلَّ على أنها قبضةٌ باليد، وفي جواز إطلاق ذلك أنه ليس في ذلك ما يُحيل صفاته ولا يُخرجها عما تستحقه اهـ (٢)

وقال ابن القيم: ورد لفظ (اليد) في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مائة موضع وروداً متنوعاً متصرفاً فيه مقروناً بما يدل على أنها يد حقيقة من الإمساك والطي والقبض والبسط (٣)

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان: قوله: ((يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه)): القبض: هو أخذ الشيء باليد وجمعه، والطي: هو ملاقاة الشيء بعضه على بعض وجمعه، وهو قريب من القبض وهذا من صفات الله تعالى الاختيارية، التي تتعلق بمشيئته وإرادته، وهي ثابتةٌ بآيات كثيرة وأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مما يجب الإيمان به؛ لأن ذلك داخل في الإيمان بالله تعالى، ويحرم تأويلها المخرج لمعانيها عن ظاهرها، وقد دلَّ على ثبوتها لله تعالى العقل أيضاً؛ فإنه لا يمكن لمن نفاها إثبات أن الله هو الخالق لهذا الكون المشاهد؛ لأن الفعل لابد له من فاعل، والفاعل لابدَّ له من فعل، وليس هناك فعل معقول إلا ما قام بالفاعل، سواءً كان لازماً كالنُّزُول والمجيء، أو متعديَّاً كالقبض والطي؛ فحدوث ما يحدثه تعالى من المخلوقات تابع لما يفعله من أفعاله الاختيارية القائمة به تعالى؛ وهو تعالى حيٌ قيُّوم، فعَّال لما يريد، فمن أنكر قيام الأفعال الاختيارية به تعالى فإن معنى ذلك أنه ينكر خلقه لهذا العالم المشاهد وغير المشاهد، وينكر قوله: إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ فالعقل دل على ما جاء به الشرع وما صرح به في هذا الحديث من القبض والطي، قد جاء صريحاً أيضاً في كتاب الله تعالى؛ كما قال تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:٦٧]، والأحاديث والآثار عن السلف في صريح الآية والحديث المذكور في الباب كثيرة وظاهرة جلية لا تحتمل تأويلاً ولا تحتاج إلى تفسير، ولهذا صار تأويلها تحريفاً وإلحاداً فيها اهـ (٤) وانظر: صفة (البسط) صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٢٣٧


(١) رواه البخاري (٤٨١٢)، ومسلم (٢٧٨٧) واللفظ له.
(٢) ((إبطال التأويلات)) (ص١٦٨).
(٣) ((مختصر الصواعق المرسلة)) (٢/ ١٧١).
(٤) ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (١/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>