للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- النَّفْسُ (بسكون الفاء)

أهل السنة والجماعة يثبتون النَّفْس لله تعالى، ونَفْسُه هي ذاته عَزَّ وجَلَّ، وهي ثابتة بالكتاب والسنة

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ [آل عمران: ٢٨، ٣٠]

وقوله: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [المائدة: ١١٦]

وقوله: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام: ٥٤]

الدليل من السنة:

الحديث المشهور: ((يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي)) (١)

حديث عائشة رضي الله عنها: ((وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) (٢)

حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي)) (٣)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن نَفْس الله: ونفسه هي ذاته المقدسة (٤)

وقال أيضاً: ويراد بنَفْس الشيء ذاته وعينه؛ كما يقال: رأيت زيداً نفسه وعينه، وقد قال تعالى: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ [المائدة:١١٦]، وقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام:١٢]، وقال تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ [آل عمران:٢٨]، وفي الحديث الصحيح؛ أنه قال لأم المؤمنين: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزن بما قلتيه لوزنتهن: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله مداد كلماته)) (٥)، وفي الحديث الصحيح الإلهي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ؛ ذكرته في ملأ خير منهم)) (٦)؛ فهذه المواضع المراد فيها بلفظ النَفْس عند جمهور العلماء: الله نفسه، التي هي ذاته، المتصفة بصفاته، ليس المراد بها ذاتاً منفكة عن الصفات، ولا المراد بها صفة للذات، وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات، كما يظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات، وكلا القولين خطأ اهـ (٧).

وفي (كتاب التوحيد) من (صحيح البخاري): باب: قول الله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ، وقوله جل ذكره: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ وقال القاسمي في (التفسير): وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ أي: ذاته المقدسة.

قال الشيخ عبد الله الغنيمان: المراد بالنَّفْسِ في هذا: اللهَ تعالى، المتصف بصفاته، ولا يقصد بذلك ذاتاً منفكة عن الصفات، كما لا يراد به صفة الذات كما قاله بعض الناس اهـ (٨) لكن من السلف من يعدُّ (النَّفْس) صفةً لله عَزَّ وجَلَّ، منهم الإمام ابن خزيمة في كتاب (التوحيد)؛ حيث قال في أوله: فأول ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا جل وعلا في كتابنا هذا: ذكر نفسه، جل ربنا عن أن تكون نَفْسُه كنَفْسِ خلقه، وعزَّ أن يكون عَدَماً لا نَفْس له اهـ (٩) ومنهم عبد الغني المقدسي؛ قال: ومما نطق به القرآن وصحَّ به النقل من الصفات (النَّفْس)، ثم سرد بعض الآيات والأحاديث لإثبات ذلك (١٠) ومنهم البغوي انظر: صفة (الأصابع) ومن المتأخرين صديق حسن خان في (قطف الثمر) (١١)؛ قال: ومما نطق بها القرآن وصحَّ بها النقل من الصفات: (النَّفْس) لكنه في تفسير قوله تعالى: وَيُحَذِّرُكُمْ اللهُ نَفْسَهُ، قال: أي: ذاته المقدسة والله أعلم صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٣٠٥


(١) رواه مسلم (٢٥٧٧). من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(٢) رواه مسلم (٤٨٦).
(٣) رواه البخاري (٧٤٠٥)، ومسلم (٢٦٧٥).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) (١٤/ ١٩٦).
(٥) رواه مسلم (٢٧٢٦). من حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها.
(٦) رواه البخاري (٧٤٠٥)، ومسلم (٢٦٧٥).
(٧) ((مجموع الفتاوى)) (٩/ ٢٩٢ - ٢٩٣).
(٨) ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (١/ ٢٤٩).
(٩) ((التوحيد)) (١/ ١١).
(١٠) ((عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي)) (ص٤٠).
(١١) ((قطف الثمر)) (ص٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>